وقيل : الفحشاء ما فحش فى العقل ، والسوء ما ينتهى بالنهى عنه.
وقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
يخرج على الأول ، وهو السوء والفحشاء ، يأمرهم بذلك فيقولوا : الله أمرنا بها.
ويحتمل قوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ما قالوا : إن الله حرم هذه الأشياء ، أو القول على الله ما لا يعلمون بما لا يليق به من الولد وإشراك غيره فى عبادته. والله أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(١٧١)
وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا).
يحتمل هذا وجهين :
يحتمل : أن آباءهم كانوا أوصوهم ألا يفارقوا دينهم الذى هم عليه ، فقالوا عند ذلك : لا ندع وصية آبائنا ، كقوله : (أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات : ٥٣].
أو كانوا قوما سفهاء أصحاب التقليد ، فقالوا : إنا قلدنا آباءنا ، فلا نقلد غيرهم.
وقوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ).
يخرج هذا الكلام على وجهين :
أى : تقلدون أنتم آباءكم وإن كانوا لا يعقلون شيئا.
ويحتمل : (أَوَلَوْ كانَ) ، أى : وقد كان آباؤكم لا يعقلون شيئا فكيف تقلدونهم؟ وهو كقوله : (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) [الزخرف : ٢٤] ، أى وقد جئتكم. أو أن يقال : من جعل آباءكم قدوة يقتدى بهم؟
وقوله : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً)
قيل فيه بوجهين :
قيل (١) : مثلنا (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) أى يصوت (بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) يسمعون الصوت ولا يفهمون ما فيه.
__________________
ـ المسكر حرام لعينه ، قل أو كثر ، سكر منه شاربه أو لم يسكر.
ينظر : تفسير الزمخشرى (١ / ٦٧٤ ـ ٦٧٥) ، وتفسير القرطبى (٦ / ٢٨٥) ، وتفسير الطبرى (٧ / ٣١) ، وتفسير الرازى (٢ / ١٧٩).
(١) قاله ابن عباس بنحوه ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٤٦٠ ، ٢٤٦١) ، وعن مجاهد (٢٤٦٢ ، ٢٤٦٣) ، وقتادة (٢٤٦٤ ، ٢٤٦٥) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٠٦).