التاريخية على أن فقهاء المدينة قاموا بجمع فتاوى ابن عمر وعائشة وابن عباس ومن بعدهم من كبار التابعين الذين ظهروا بالمدينة.
وكذلك جمع فقهاء العراق فتاوى عبد الله بن مسعود ، وقضايا علي بن أبي طالب وفتاواه ، وقضايا شريح وغيره من قضاة الكوفة.
وقد وضعت بعض المؤلفات الفقهية في هذا العصر ، فقد ألف أبو حنيفة (الفقه الأكبر) وإبراهيم النخعي (فتاوى الشيوخ وآراؤهم) ، وغيرهما.
وكانت هذه المؤلفات تجمع بين الفقه والحديث.
وهناك من ألف من الفقه مجردا عن الحديث : كمحمد بن الحسن في كتبه الستة التي جمع فيها مسائل الأصول في مذهب إمامه أبي حنيفة وهي : المبسوط ، والجامع الصغير ، والجامع الكبير ، والزيادات ، والسير الصغير ، والسير الكبير ، ومثل : المدونة التي رواها سحنون عن ابن القاسم عن الإمام مالك.
وبجانب هذين النوعين من التدوين وجد تدوين المسائل الفقهية مصحوبا بأدلتها من الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والقياس ، مثل كتاب الأم الذي رواه الربيع عن الإمام الشافعي.
واستمر الفقه في التطور والازدهار حتى أصبح علما قائما على سوقه (١).
٥ ـ علم أصول الفقه :
لم يكن استنباط الأحكام في زمن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصدر الإسلام بحاجة إلى أكثر من الرجوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في حياته وإلى أصحابه بعد مماته ، ولكن لما بعدت الشقة بين الناس والعهد النبوي احتاج المسلمون إلى وضع العلوم وتأسيس مناهجها ، ومن هذه العلوم أصول الفقه.
وقد أخذ الإمام الشافعي على عاتقه مهمة جمع قواعد علم أصول الفقه المبثوثة في بطون الكتب ، والموجودة في سنة النبي وآثار الصحابة ، ومن قبل ذلك وبعده من القرآن الكريم.
والسبب الذي دفع الشافعي إلى كتابة علم أصول الفقه هو ما ذكره ابن خلدون حينما
__________________
(١) ينظر : تاريخ الفقه الإسلامي ومصادره للدكتور محمد يوسف موسى (٢ / ٥٨) ، وتاريخ التشريع ومصادره للدكتور محمد سلام مدكور ص (٢٠٩ ـ ٢١١).