وفي القرن الثالث الهجري انتشرت المعاجم الواسعة التي سار فيها أصحابها على طريقة الخليل بن أحمد من حيث ترتيب حروف المعجم على المخارج الصوتية والابتداء بحروف الحلق (١) ، ثم انتشرت المعاجم بعد ذلك في القرون التالية مصطنعة مناهج جديدة أكثر تيسيرا ، وموجود بين أيدينا الكثير منها الآن.
٧ ـ الأدب :
تطور الأدب كثيرا في العصر العباسي ، وبخاصة الشعر ؛ حيث وجد شعراء مجددون في معاني القصيدة وديباجتها كأبي تمام ؛ مما أدى إلى وجود نهضة أدبية وشعرية يمكن أن يقال عنها : إنها فاقت العصور السابقة.
ولم ينل الأدب العناية في جمعه وتأليفه مثلما نالت اللغة ، فقد كان جمع الأدب والشعر في العصور الإسلامية الأولى قائما على الانتقاء والاختيار لا الاستقصاء والشمولية ؛ ولعل السبب في ذلك أنه لا يستطيع فرد أو أفراد أن يقوموا بذلك (٢).
وقد دون عدد من الكتب في الأدب ونقده في العصر العباسي ؛ ككتابي أدب الكاتب ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ، والكامل للمبرد ، والبيان والتبين للجاحظ ، والنوادر لأبي علي القالي ، وتعتبر هذه الكتب أركانا في الأدب وعلومه (٣).
٨ ـ التاريخ والجغرافيا :
كان الاعتماد في التاريخ ـ في بادئ الأمر ـ على السماع ، فكان العرب يتناقلون أخبارهم وسير أجدادهم شفويّا ، ولكن لما جاء القرن الثاني الهجري أخذ البحث في التاريخ وتدوينه يأخذ جانبا من اهتمام العلماء ، وانصرف اهتمام المؤرخين في أول الأمر إلى السيرة النبوية ، فكتب ابن إسحاق سيرة الرسول صلىاللهعليهوسلم وكان ذلك في منتصف القرن الثاني الهجري ، وفي أواخر هذا القرن وضع هشام بن محمد الكلبي والواقدي كثيرا من المصنفات والرسائل التاريخية شملت العصور المختلفة ، ثم جاء ابن هشام أواخر هذا القرن وبداية القرن الثالث فكتب سيرته الشهيرة المتناقلة بين الناس.
وفي القرن الثالث تطور التاريخ تطورا كبيرا ، فوجدت المصنفات الكبيرة ، واتسعت
__________________
(١) ينظر : مقدمة ابن خلدون (ص ٥٠٣ ، ٥٠٤) ، وتاريخ الإسلام السياسي (٣ / ٣٥٣) ، وضحى الإسلام (٢ / ٢٥٢).
(٢) ينظر : ضحى الإسلام (٢ / ٢٧٤).
(٣) ينظر : مقدمة ابن خلدون (ص ٥٠٨).