مادته باتساع حوادث الدولة الإسلامية ، فوجدت مؤلفات في الحوادث ، ومؤلفات في الأنساب ، ومؤلفات في تاريخ الأمم والملوك ، ومؤلفات في تاريخ الأديان : كاليهودية ، والنصرانية ، ومؤلفات في التراجم.
ومن أشهر المؤلفات في القرن الثالث : كتاب الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد المتوفي سنة ٢٣٠ ه ، وكتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة المتوفي سنة ٢٧٦ ه ، وكتاب فتوح البلدان للبلازري المتوفي سنة ٢٧٩ ه ، وكتاب الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري المتوفي سنة ٢٨٢ ه ، وكتاب تاريخ الأمم والملوك للطبري المتوفي سنة ٣١٠ ه (١).
ومعنى هذا أن القرن الثالث الهجري شهد نهضة في علم التاريخ لم تشهدها القرون السابقة وربما القرون اللاحقة ؛ حيث الاعتماد على هذه المصنفات والمؤلفات في الغالب الأعم.
أما في مجال الجغرافيا فقد بدأ التدوين فيه متأخرا عن التاريخ ، ويعتبر أبو القاسم عبيد الله بن خرداذبه الذي عاش في النصف الأول من القرن الثالث الهجري ، وهو فارسي الأصل ـ يعتبر من أقدم علماء الجغرافيا ، وقد ألف كتاب : المسالك والممالك. ثم تلاه اليعقوبي المتوفي سنة ٢٨٢ ه ، وألف في ذلك كتاب : البلدان (٢).
٩ ـ علم الطب :
كان لاختلاط العرب بالعجم أثر في تنمية المعارف ، وبخاصة بعد عملية الترجمة التي ازدهرت في عصر الخليفة المأمون ، ومن العلوم التي نقلها المسلمون عن الأمم الأخرى بفضل حركة الترجمة ، علم الطب ، فنبغ عدد غير قليل من الأطباء في عصر الرشيد ، والمأمون ، والمعتصم ، وبخاصة عصر الواثق ، وكانت مهنة الطلب يزاولها في بداية الأمر غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم ، فاشتهر عصر الرشيد بختيشوع المتوفى سنة ٢٤٤ ه ، وفي عهد المعتصم يحيى بن ماسويه المتوفى سنة ٢٤٢ ه.
وفي عهد الواثق بدأ التأليف الفعلي لعلم الطب ، فقد طلب من حنين بن إسحاق المتوفي سنة ٢٧٠ ه وضع كتاب في الطب ، فألف كتابا ذكر فيه الفرق بين الغذاء والدواء وغيرها من المسائل الطبية. ثم بدأت المصنفات تترى بعد ذلك ، وبنيت المستشفيات في بغداد وغيرها.
__________________
(١) ينظر : ضحى الإسلام (٢ / ٣٤١) ، وتاريخ الإسلام (٢ / ٣٠٢ ، ٣٠٣).
(٢) ينظر : تاريخ الإسلام السياسي (٣ / ٤٠٤).