الفصل الثاني
البيئة التي نشأ فيها الماتريدي
عرفنا في الفصل السابق أن الماتريدي قد يكون ولد في العقد الرابع من القرن الثالث الهجري ، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة ، ومعنى هذا أن الماتريدي عاش في الفترة ما بين أواخر النصف الأول من القرن الثالث والنصف الأول من القرن الرابع ، وكان ذلك في مدينة سمرقند التي تقع في إطار الدولة السامانية ، والتي أشرنا إلى طرف من تاريخها في الفصل الثالث من الباب الأول ، وقد رأينا أن نتمم ذلك بهذه الدراسة الموجزة لمدينة سمرقند التي نشأ فيها الماتريدي.
تاريخ سمرقند :
وسمرقند ـ بفتح السين والميم ـ ويقال لها : سمران : بلد معروف مشهور ، قيل : إنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر.
قال أبو عون : سمرقند في الإقليم الرابع ، طولها تسع وثمانون درجة ونصف ، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف.
وقال الأزهري : بناها شمر أبو كرب ، فسميت شمر كنت ، فعربت فقيل : سمرقند.
وقيل : إن سمرقند من بناء الإسكندر ، واستدارة حائطها اثنا عشر فرسخا ، وفيها بساتين ومزارع وأرجاء ، ولها اثنا عشر بابا ، من الباب إلى الباب فرسخ ، وعلى السور آزاج ، وأبرجة للحرب ، والأبواب الاثنا عشر من حديد ، وبين كل بابين منزل للنواب ، فإذا جزت المزارع صرت إلى الربض ، وفيه أبنية وأسواق (١).
صفة سمرقند :
وأيّا من كان الذي بنى مدينة سمرقند ، فإنها مدينة عظيمة ، من أعظم مدن أوزبكستان في الاتحاد السوفيتي سابقا ، وهي بلد ثري جليل عتيق ، ومصر بهي رشيق ، رضي كثير الرقيق ، وماء غزير بنهر عميق ، بناء قوي سني وثيق ، ودرس كثير لأهل الفريق ، وعيش هني إليها الطريق ، وحمل المتاع من كل فج عميق ، وعلوم كثيرة وصدر نفيق ، وخيل ورجال ومال دقيق ، ذو رساتيق جليلة ومدن نفيسة وأشجار وأنهار ، وتجار ، في الصيف
__________________
(١) ينظر : الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية للدكتورة فاطمة محجوب (دار الغد العربي) (ص ٣٩١ ، ٣٩٢) نقلا عن معجم البلدان لياقوت الحموي (٣ / ٢٤٦).