الفصل الرابع
قيمة الماتريدي العلمية
تبين لنا مما سبق أن الماتريدي تعلم على أيدي علماء كبار ينتسبون إلى أبي حنيفة ، وأنه قد استفاد من آراء أبي حنيفة الكلامية ، ولكنه لم يكن مجرد شارح ومفصل لطريقة أبي حنيفة ، بل كان مبتكرا ، له منهجه الخاص به ومذهبه المغاير للمذاهب الكلامية الشائعة آنذاك ، ومن ثم فإن علم الكلام استوى على سوقه على يد الماتريدي.
ولكي نتعرف قيمة الماتريدي العلمية لا بد أن نعرض لأمرين :
أولا : مصنفاته :
لم يكن الماتريدي متكلما فحسب ، بل كان فقيها مفسرا ، ولعل أبرز ما يدل على علمه الواسع تلك الآثار والمصنفات الجليلة التي خلفها لنا ، وهي على النحو الآتي :
١ ـ مصنفاته في التفسير والتأويل :
وفي هذا المجال ذكرت له كتب الطبقات كتابا يسمى : «تأويلات أهل السنة» ذكره بهذا العنوان صاحب كتاب كشف الظنون (١) وهو الكتاب الذي نقدم له ونقوم بتحقيقه.
وقد عنونت له نسخة كوبريلي ب «تأويلات أبي منصور الماتريدي في التفسير» ، ويقول السمرقندي في مقدمة شرح هذا الكتاب : كتاب التأويلات المنسوب إلى الشيخ إمام الملة أبي منصور محمد بن أحمد الماتريدي السمرقندي (٢).
وذكره أصحاب التراجم والطبقات تحت عنوان «تأويلات القرآن» ، وتحمله نسخ موجودة في تركيا وألمانيا ودمشق والمدينة المنورة وطشقند والمتحف البريطاني (٣).
وذكر صاحب كشف الظنون كتابا آخر يحمل عنوان : (تأويلات الماتريدية في بيان أصول أهل السنة وأصول التوحيد) ، جاء في وصفه له أنه أخذه عنه أصحابه المبرزون تلقفا ؛ ولهذا كان أسهل تناولا من كتبه ، جمعه الشيخ الإمام علاء الدين محمد بن أحمد ابن أبي أحمد السمرقندي صاحب «تحفة الفقهاء» في ثمانية مجلدات (٤).
__________________
(١) ينظر : كشف الظنون لحاجي خليفة (طبعة استانبول) (١ / ٣٣٥).
(٢) ميكروفيلم ، بمكتبة جامعة الدول العربية تحت رقم (٣١٢٩).
(٣) انظر : تاريخ المخطوطات العربية لفؤاد سزكين.
(٤) ينظر : كشف الظنون (١ / ٣٣٦).