والهجرة الثانية : هجرة الآثام والإجرام ، فهى لا ترتفع أبدا.
وقال الحسن (١) فى قوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ) : أى بالعداوة منه لمن كفر بالله.
وقال أبو بكر الصديق (٢) ـ رضى الله تعالى عنه ـ : أن يهجر قومه وداره ويخرج لله.
وقوله : (وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ).
المجاهدة تكون على وجوه :
مجاهدة العدو ، ومجاهدة الشيطان ، ومجاهدة النفس.
وقوله : (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ).
فيه دلالة على أن الذى يحق رجاؤه يعمل ما ذكر الله.
وقوله : (رَحْمَتَ اللهِ) ، يحتمل وجهين : الرحمة : الجنة ، والرحمة : المغفرة.
وقوله : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
لما كان منهم من التقصير فيما ذكر من المجاهدة والمهاجرة.
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٢٢٠)
وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما
__________________
ـ قرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ختمها وقال : «الناس حيز ، وأنا وأصحابى حيز» ، وقال : «لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية» فقال له مروان : كذبت. وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت ، وهما قاعدان معه على السرير. فقال أبو سعيد : لو شاء هذان لحدثاك ، ولكن هذا يخاف أن تنزعه من عرافة قومه ، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة ، فسكتا ، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه ، فلما رأيا ذلك قالا : صدق.
أما قول ابن عمر فأخرجه البخارى (٧ / ٢٦٧) ، فى مناقب الأنصار ، باب هجرة النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلى المدينة (٣٨٩٩) ، (٧ / ٦٢٠) فى المغازى ، باب (٥٣) (٤٣٠٩ ـ ٤٣١١) من طريق عطاء عن ابن عمر كان يقول : لا هجرة بعد الفتح.
وفى لفظ آخر : قلت لابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ : إنى أريد أن أهاجر إلى الشام. قال : لا هجرة ، ولكن جهاد. فانطلق فاعرض نفسك ، فإن وجدت شيئا وإلا رجعت.
وأما قول عمر فأخرجه النسائى (٧ / ١٤٦) فى البيعة ، باب الاختلاف فى انقطاع الهجرة ، وأبو يعلى فى مسنده (١٨٦) ، عن شعبة عن يحيى بن هانئ عن نعيم بن دجاجة قال : سمعت عمر يقول : لا هجرة بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(١) يأتى فى سورة النساء.
(٢) يأتى فى سورة النساء.