وقوله : (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) ، يحتمل وجهين :
أحدهما : الخبر عما يدعو بعضهم بعضا إلى عبادة غير الله ، وذلك دعاء إلى النار ، كما قال الله تعالى : (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) [فاطر : ٦] ، بما يوجب الفعل الذى دعوا إليه ذلك فكأنما دعوا إلى ذلك ، إذ هو المقصود من الثانى. وعلى ذلك تسمية الجزاء باسم العمل الذى له الجزاء. والله أعلم.
ويحتمل : (يَدْعُونَ) فى التناكح للهو واستكثار الأتباع فى معاداة الله تعالى ومعاداة أوليائه بالتناكح ، والله يدعو الى التعفف واستكثار الأتباع على ما ينال به مغفرته ورحمته. والله أعلم.
وقوله : (أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يعنى : يدعون إلى العمل الذى يستوجب به النار.
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) ، يعنى يدعو إلى العمل الذى يوجب لهم الجنة والمغفرة والله أعلم ، وقوله : (وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢٢٣)
وقوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ).
دل جوابه على أن السؤال كان عن قربان النساء فى الحيض (١) ، أو كان عن موضع
__________________
(١) الحيض لغة مصدر حاض ، يقال : حاض السيل ، إذا فاض ، وحاضت السمرة : إذا سال صمغها ، وحاضت المرأة : سال دمها. والمرة حيضة ، والجمع : حيض ، والقياس : حيضات. والحياض : دم الحيضة. والحيضة بالكسر : الاسم ، وخرقة الحيض ، هى الخرقة التى تستثفر بها المرأة. وكذلك المحيضة ، والجمع : المحايض. وفى حديث بئر بضاعة : «تلقى فيها المحايض». والمرأة : حائض ؛ لأنه وصف خاص. وجاء (حائضة) أيضا ؛ بناء له على حاضت ، وجمع الحائض : حيّض وحوائض ، وجمع الحائضة : حائضات. وتحيضت المرأة : قعدت عن الصلاة أيام حيضها.
وللحيض فى الاصطلاح تعريفات كثيرة ، وهى متقاربة فى الغالب : فقد عرفه صاحب «الكنز» من الحنفية بقوله : هو دم ينفضه رحم امرأة سليمة عن داء وصغر. وقال ابن عرفة من المالكية : الحيض : دم يلقيه رحم معتاد حملها دون ولادة. وعرفه الشافعية بأنه : دم جبلّة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة من غير سبب فى أوقات معلومة. وعرفه الحنابلة بأنه : دم طبيعة يخرج مع الصحة من غير سبب ولادة من قعر الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت فى أوقات معلومة. وللحيض أسماء منها : الطمث ، والعراك ، والنفاس. ـ