أشهر. وقد ذكرنا قول الصحابة ـ رضى الله تعالى عنهم ـ : إن عزيمة الطلاق [انقضاء](١) أربعة أشهر.
وقوله : (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
سميع : بإيلائهم (٢) ، عليم : بترك الفىء وتحقيق حكمه ، أو عليم بما أراد بالإيلاء ، كأنه قال : إنه عن علم بما يكون من خلقه وبما به صلاحهم وما إليه مرجعهم ، خلقهم ، وهو السميع بجميع ما به تناجوا وأسروا وجهروا. والله الموفق.
والفىء : الجماع ، وهو الرجوع فى الحاصل ؛ لأنه حلف ألا يقربها ، فإذا قربها رجع عن ذلك. وهكذا روى عن ابن عباس (٣) وابن مسعود (٤) ـ رضى الله تعالى عنهما ـ أنهما قالا : الفىء : الجماع.
قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٢٣٠)
ثم اختلف الناس فى الأقراء فى قوله : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) :
قال بعضهم : الأقراء : هى الأطهار (٥).
__________________
ـ وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم والبيهقى كما فى الدر المنثور (١ / ٤٨٦).
(١) سقط فى ط.
(٢) فى أ : بالإيلاء.
(٣) أخرجه ابن جرير من (٤٥١٣) إلى (٤٥١٦) ، وعبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم والبيهقى فى سننه كما فى الدر المنثور (١ / ٤٨٤).
(٤) أخرجه ابن المنذر كما فى الدر المنثور (١ / ٤٨٤).
(٥) قال الفيومى : القرء فيه لغتان : الفتح وجمعه قروء وأقرؤ ، مثل فلس وفلوس وأفلس ، والضم ، ويجمع على : أقراء ، مثل : قفل وأقفال ، قال أئمة اللغة : ويطلق على الطهر والحيض.
واختلف الفقهاء فى معنى القرء اصطلاحا على قولين :
القول الأول : وهو قول كثير من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وفقهاء المدينة ، ومالك والشافعى وأحمد فى إحدى الروايتين عنه : أن المراد بالأقراء فى العدة : الأطهار ، والطهر عندهم هو المحتوش بين دمين وهو الأظهر عند الشافعية ـ لا مجرد الانتقال إلى الحيض ، واستدلوا على قولهم بما يلى : ـ