فلا» (١). ففيه الدلالة أن النشوز إذا كان من قبلها فإنه يجوز قدر المهر.
وقال ابن داود (٢) : خالف الشافعى ظاهر الكتاب فيما جعل له أخذ ما فدى والزيادة ، والكتاب رفع الحرج عن أخذ ما فدى ، لم يجعل له غيره بقوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ).
وقال ابن شريح (٣) : ما ذلك الأخذ فى الطلاق ، إنما ذلك فى الطلاق كرها ؛ لأنه ليس فى الآية ذكر الطلاق. واستدل بقوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء : ٤] ، فجعل له أكل ما أخذ بالوصف الذى ذكره ، ثم كان له أخذ ما تبذل فى غير الطلاق ، فعلى ذلك فى الطلاق [وفى الطلاق](٤) أحق. والله أعلم.
والأصل عندنا : جواز ما بذلت أخذه مما احتيج به الرجل إن كان له ذلك فى غير الطلاق ، وهو فى الطلاق أجوزه ؛ لأنها تنتفع ، غير أنه يكره له الفضل لما ذكرنا من الآية والخبر. ثم يجوز هو لأنه تبادل ، فكان كالعقود التى تكره لربح ما لم يضمن على الجواز
__________________
(١) أخرجه البخارى (٩ / ٣٩٥) كتاب : الطلاق ، باب : الخلع ، حديث (٥٢٧٣) ، والنسائى (٦ / ١٦٩) كتاب : الطلاق ، باب : ما جاء فى الخلع ، وابن ماجه (١ / ٦٦٣) كتاب : الطلاق ، باب : المختلعة تأخذ ما أعطاها ، حديث (٢٠٥٦) ، والدارقطنى (٤ / ٤٦) كتاب : الطلاق والخلع والإيلاء (١٣٥) ، والبيهقى (٧ / ٣١٣) ، والبغوى فى شرح السنة (٥ / ١٤١ ـ ١٤٢) من طريق عكرمة عن ابن عباس به.
وأخرجه أبو داود (١ / ٦٧٧) كتاب : الطلاق ، باب : فى الخلع ، حديث (٢٢٢٩) ، والترمذى (٣ / ٤٩١) كتاب : الطلاق ، باب : ما جاء فى الخلع ، حديث (١١٨٥) مكرر من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ : إن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبى صلىاللهعليهوسلم عدتها حيضة.
وقال الترمذى : حسن غريب.
وقال أبو داود : وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبى صلىاللهعليهوسلم مرسلا.
(٢) هو : أبو بكر محمد بن داود وكان فقيها أديبا شاعرا ظريفا وكان يناظر أبا العباس ابن سريج وخلف أباه فى حلقته. وحكى القاضى أبو الحسن الخرزى أن أبا بكر لما جلس بعد وفاة أبيه فى حلقته يفتى استصغروه فدسوا إليه رجلا فقالوا له : سله عن حد السكر ما هو؟ فأتاه الرجل فسأله عن حد السكر ما هو ومتى يكون الإنسان سكرانا؟ فقال محمد : إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم ، فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من أهل العلم. ينظر : طبقات الشيرازى (ص ١٧٥).
(٣) هو : أبو أمية شريح بن الحارث القاضى : قال المدائنى : مات سنة اثنتين وثمانين ، قال الأشعث : مات وهو ابن مائة وعشرين سنة. وروى أن عليّا عليهالسلام قال : اجمعوا لى القراء ، فاجتمعوا فى رحبة المسجد ، قال : إنى أوشك أن أفارقكم ، فجعل يسائلهم : ما تقولون فى كذا؟ ما تقولون فى كذا؟ وبقى شريح فجعل يسائله فلما فرغ قال : اذهب ، فأنت من أفضل الناس أو من أفضل العرب ، وقيل : إنه استقضاه عمر على القضاء بالكوفة وبقى فى القضاء خمسا وسبعين سنة ثم استعفى الحجاج فأعفاه. ينظر : طبقات الشيرازى (ص ٨٠).
(٤) سقط فى أ.