فكذا هذا.
والأصل : بأن الطلاق بالبذل بينها ، وهو لو لم يملك البينونة مطلقا لم يملكه بما شرط ؛ فثبت أنه يملك.
وأصله : أنه بالطلاق ، ويصرف إليها ما ملك عليها بالعقد فانتفعت بإزاء ما بذلت ؛ لذلك سلم للزوج ما أخذ. والله أعلم.
قال : ويكره أخذ الزيادة بما فيه رفع النكاح ، فيصير أخذ ما يأخذ بالذى أعطى ، فما يفضل عليه ليس بإزائه بدل ، وذلك وصف الربا. والله أعلم.
ثم اختلف فى قوله : (إِلَّا أَنْ يَخافا) :
قيل : (يَخافا) علما ، يعنى الرجل والمرأة.
وقيل : علم الحكمان ألا يقيما حدود الله. وعلى ذلك قوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ ، خِفْتُمْ) يعنى علمتم.
وقيل : الخوف هو الخوف ، فكأنه أقرب ؛ لأن العلم يكون فيما مضى من الحال أنهما أقاما حدودا أو لم يقيما. وأما الخوف فى حادث الوقت أمكن ؛ لأنه لا يعلم باليقين ؛ لذلك كان ما ذكرنا ، وهو كقوله : (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأنعام : ١٥].
ثم اختلف فى قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) :
قال بعضهم (١) : أراد بقوله : (عليهما) ، (عليه) خاصة. وهذا جائز فى اللغة إضافة الشىء إلى الاثنين ، والمراد واحد منهما ، كقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] ، وإنما يخرج من أحدهما ، ومثله كثير.
وقال آخرون (٢) : أريدا جميعا : المرأة بالفداء ، والزوج بالأخذ ؛ لأن الزوج نهى عن أخذ شىء مما آتاها بقوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) ثم أباح ورفع الحرج منه بالأخذ على الشرط.
وقيل : أراد بذلك الزوج خاصة. وهو ما ذكرنا. والله أعلم.
وقوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها).
قيل : إذا لم يفهم بحد من حدود الله تعالى ما يفهم من حد الخلق ، كيف فهم من استواء الرب ومجيئه من قوله : (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، و (وَجاءَ رَبُّكَ) ما فهم من استواء
__________________
(١) قاله ابن جرير (٢ / ٤٨١).
(٢) ينظر : السابق.