قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(٢٣٩)
وقوله : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
و (المحافظة) هو المفاعلة والمفاعلة هى فعل اثنين. فهو ـ والله أعلم ـ أنه إذا حفظها على وقتها ولم يسهو عنها حفظته ، وهو كما ذكر فى آية أخرى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت : ٤٥]. وفى حرف ابن مسعود ـ رضى الله تعالى عنه ـ : إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر. فعلى ذلك إذا حفظها على أوقاتها مع أحكامها وسننها ، ولم يدخل ما ليس فيها ـ من الكلام ، والالتفات ، وغير ذلك مما نهى عنه ـ حفظته. وكذلك قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) [آل عمران : ١٣٣] ، وقوله : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) [الحديد : ٢١] ، من المفاعلة ، فإذا بادر إليها بدرت إليه. وبالله التوفيق.
وقوله عزوجل : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى).
اختلف أهل العلم فى تأويله :
قال بعضهم : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ، أراد كل الصلاة لا صلاة دون صلاة. وهو ـ والله أعلم ـ أن الصلاة هى الوسطى ، هى من الدين. وهو على ما جاء : الإيمان كذا كذا بضعة ، أعلاها كذا كذا ، وأدناها كذا ، فعلى ذلك قوله : والصلاة هى الوسطى من الدين ، ليست بأعلاها ولا بأدناها ، ولكنها الوسطى من الدين.
وقال آخرون : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ، هى صلاة العصر. وعلى ذلك روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «هى العصر» (١). وذكر فى حرف حفصة (٢) ـ رضى الله تعالى عنها ـ :
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ٤٣٧) كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هى صلاة العصر (٢٠٦ / ٦٢٨) ، وأحمد (١ / ٣٩٢ ، ٤٠٤) ، وابن ماجه (٢ / ١٨) ، كتاب الصلاة ، باب المحافظة على صلاة العصر (٦٨٦) ، والترمذى (١ / ٢٢٢) كتاب الصلاة ، باب ما جاء فى الصلاة الوسطى أنها العصر ، (١٨١) عن ابن مسعود وفى الباب عن سمرة بن جندب.
أخرجه أحمد (٥ / ٧ ، ٨ ، ١٢) ، والترمذى (١٨٢) فى المصدر السابق.
(٢) هى : حفصة بنت عمر أمير المؤمنين وأمها زينب بنت مظعون روت عن النبى صلىاللهعليهوسلم وعن عمر ، وروى عنها أخوها عبد الله وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبى عبيد وحارثة بن وهب والمطلب بن أبى وداعة وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وغيرهم. وكانت قبل أن يتزوجها الرسول صلىاللهعليهوسلم عند حصن بن حذافة وكان ممن شهد بدرا ومات بالمدينة فانقضت عدتها فتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد عائشة. وتوفيت رضى الله عنها سنة ٤١ ه وقيل سنة ٤٥ ه ، وقيل سنة ٢٧ ه ، حكاه أبو بشر الدولابى وهو غلط. ينظر : الإصابة (٨ / ٥١) ت (٢٩٤) ، الاستيعاب (٢ / ٧٣٤) ت (٣٢٤٨).