ومن قال : إنها ظهر ، ذهب إلى خصوصيتها وفضيلتها ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه كان يصلى قبل الظهر أربعا إذا زالت الشمس ، وقال : إن أبواب السماء تفتح فى ذلك الوقت (١).
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ فى قوله : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) : تكلم فيه بوجهين :
أحدهما : أن الصلاة هى الوسطى ، من أمر الدين فهى على أن الأرفع من أمر الدين (٢) هو التوحيد والإيمان وذلك هو الذى لا يرتفع بعذر ، ولا يسقط بسقوط المحنة ، إذ ذلك فى الدارين جميعا وهو الإخلاص ، ونفى جميع معانى الخلق به عمن يوحده ويؤمن به وسائر العبادات قد يقدم مع وجود أمور الدنيا والدين والمعاش معها وفى حالها بالذى به قوامها ، والتوحيد لا ، ثم الصلاة مما بها ترك جميع ما ذكرت فى حال فعلها فيما به فعلها ، فهى تشبه الإيمان من هذا الوجه ، ثم تسقط هى للأعذار ، ولا تجب فى غير دار المحنة على ما عليه أمر غيرها من العبادات ؛ فصارت بذلك الوسطى من أمر الدين. والله الموفق.
والثانى : أن تكون هى صلاة من جملتها ، فتذكر بحرف التخصيص لها من الجملة ، لوجهين :
أحدهما : لبيان جملة الفرائض أنها وتر ، لا الشفع ؛ إذ لا وسطى للشفع ، فيكون فى ذلك بطلان قول قوم أنكروا العدد لها ، وقوم زعموا أنها صلاتان فى الجملة. والله أعلم.
والثانى : أن يراد بذلك التفضيل للصلاة من الصلوات (٣) فى الحث على فعلها والترغيب فى محافظتها ، ويجىء أن تكون تلك معروفة عند الذين خوطبوا ، إما بالاسم أو بحال من النوازل ؛ لأنه لا يحتمل أن يرغب فى فعل لا يعلم حقيقة ذلك. والله أعلم.
ثم يكون لاختلاف من لم يشهد النوازل التى عرفت المراد ، فقال كل مبلغ جهده فيما أدى إليه رأيه من الترغيب فى الفعل أنه على ذلك ، لكنهم اختلفوا :
فمنهم من اعتبر بالركعات ، فقال : أكثرها أربع ، وأقلها ركعتان ، والوسطى منها ثلاث ، فصرف التأويل إلى المغرب. واستدل فى الترغيب [بما جاء «إن الله وتر يحب الوتر» وبما جاء من الترغيب](٤) فى تعجيلها والمبادرة فى فعلها ، حتى لم يؤذن بالاشتغال عنها عند
__________________
(١) أخرجه أحمد (٣ / ٤١١) ، والترمذى (١ / ٤٨٨) كتاب الصلاة ، باب ما جاء فى الصلاة عند الزوال (٤٧٨) ، والبغوى فى شرح السنة (٢ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥).
(٢) فى ب : المؤمنين.
(٣) فى أ : الصلاة من الصلاة.
(٤) سقط فى ط.