وقيل (١) : (البقية) قفيز من منّ ، وهو الترنجبين الذى كان يأكله بنو إسرائيل فى أرض التيه.
وقيل (٢) : فيه سنة موسى وهارون ، وعلمهما. والله أعلم بذلك.
وفى الآية دليل جرى الآية على أيدى الأولياء ، لما أعطى لطالوت آية لملكه تشبه آيات الأنبياء حيث أخبر أنه كان (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) [هى القوة فى داره ، وهم كانوا لم يمروا ذلك وقت حمل الملائكة](٣) إياه ، لكن تلك الآيات فى الحاصل تكون للأنبياء يجريها الله تعالى على أيدى الأولياء إلا أن يكون للأولياء ذلك. ثم من ادعى من الأولياء بتلك الآيات النبوة لنفسه يعجزه الله تعالى عن ذلك ، ويخرج الآية من أن تصير آية له ، نحو من أتى مدينة من المدائن التى لم يبلغ أهلها هذا القرآن ، ولا عرفوه ولا سمعوا ذلك من أحد قط ، فجعل يقرأ ذلك عليهم عن ظهر قلبه ، وادعى بذلك رسالة لنفسه ، أيسع أهل ذلك البلد أن يصدقوه فيما ادعى ، أم لا؟ فإن لأصحابنا ، رحمهمالله تعالى ، جوابان :
أحدهما : بأن فى القران ما يظهر به كذب هذا المدعى فى دعوته من نحو قوله : (يَسْئَلُونَكَ) عن كذا ، ومن نحو الأخبار ، والحكايات ، والقصص التى فيها مما لا يحتمل كونها إلا بتقدم أسباب فيكذبه ذلك ، فلم يلزمهم تصديقه. وبالله العصمة.
والثانى : قالوا : إذا ادعى ذلك به يعجزه الله عزوجل عن تلاوته ، وإجرائه على لسانه ، وادعاء ما ادعى بذلك. وكأن هذا أقرب. والله أعلم.
قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٢٥٢)
__________________
ـ (١ / ٥٦٣).
(١) قاله الثورى ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٦٩٨).
(٢) قاله عطاء بن أبى رباح ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٧٠١).
(٣) ما بين المعقوفين سقط فى ط.