كل معبود إلها ومعناه ـ والله أعلم ـ أن الذى يستحق العبادة ويحق أن يعبد هو الله الذى لا إلا إلا هو لا الذى تعبدونه أنتم من الأوثان والأصنام التى لا تنفعكم عبادتكم إياها ولا يضركم ترككم العبادة لها.
ويحتمل أن يكون على الإضمار : أن قل الله الذى لا إله إلا هو لأنهم كانوا يقرون بالخالق ويقرون بالإله ؛ كقوله عزوجل (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥] وكقوله : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) [المؤمنون : ٨٦ ، ٨٧] وكقوله : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) [المؤمنون : ٨٨ ، ٨٩] فإذا كانوا يقرون به فأخبرهم أن الذى يقرون به ويسمونه هو الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم ويحتمل أن يكون لقوم من أهل الإسلام عرفوا الله تعالى وآمنوا به ، ولم يعرفوا نعته وصفته فعلمهم نعته وصفته أنه الحى القيوم إلى آخره.
قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(٢٥٥)
وقوله (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) قيل هو الحى بذاته لا بحياة هى غيره كالخلق هم أحياء بحياة هى غيرهم حلت فيهم لا بد من الموت ، والله عزوجل يتعالى عن أن يحل فيه الموت ؛ لأنه حى بذاته وجميع الخلائق أحياء لا بذاتهم ، تعالى الله عزوجل عما يقول فيه الملحدون علوا كبيرا.
والأصل : أن كل من وصف فى الشاهد بالحياة وصف ذلك للعظمة له والجلال والرفعة. يقال : (فلان حى) ، وكذلك الأرض سماها الله تعالى (حية) ، إذا اهتزت وربت وأنبتت ، لرفعتها على أعين الخلق. فعلى ذلك الله سبحانه وتعالى (حى) للعظمة.
وكذلك الأرض سماها الله تعالى : (حية) للعظمة والرفعة ولكثرة ما يكون يذكر فى المواطن كلها ، كما سمى الشهداء (أحياء) ؛ لأنهم مذكورون فى الملأ من الخلق.
ويحتمل : أنه يسمى (حيّا) لما لا يغفل عن شىء ، ولا يسهو ، ولا يذهب عنه شىء ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء. وبالله العصمة.
وقوله : (الْقَيُّومُ) ، القائم على مصالح أعمال الخلق وأرزاقهم.
وقيل : (الْقَيُّومُ) ، هو القائم على كل شىء يحفظه ويعاهده ، كما يقال : (فلان قائم على أمر فلان) ، يعنون أنه يتحفظ أموره حتى لا يذهب عنه شىء.