ويقال : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) ، وهو خلق من خلقه.
وقيل : إن الكرسى هو الكرسى ، لكنه خلقه ليكرم به من يشاء من خلقه.
[ثم لا يجوز أن يفهم من إضافته إليه ما يفهم من الخلق ، كما لم يفهم من قوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) ، و (نُورَ اللهِ) ، و «بيت الله» ونحوه ما يفهم من إضافته إلى خلقه](١).
فعلى ذلك لا يفهم من قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) ، وغيره من الآيات ما يفهم من الخلق بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١].
وقوله تعالى : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما).
قيل : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) لا يشق عليه حفظهما (٢). وهو قول ابن عباس ، رضى الله تعالى عنه ، وروى عنه أيضا أنه قال : لا يثقل عليه (٣).
وقيل : (وَلا يَؤُدُهُ) لا يجهده.
وقيل : لا يعالج بحفظ شىء مثال الخلق.
وقوله تعالى : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
(الْعَلِيُ) عن كل موهوم يحتاج إلى عرش أو كرسى ، (الْعَظِيمُ) عن أن يحاط به.
وقال ابن عباس (٤) ـ رضى الله تعالى عنه ـ : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) ، قال : علمه ، ألا ترى إلى قوله : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما) كل شىء فى علمه ، لا يئوده حفظ شىء ، والله أعلم.
قال الشيخ : ـ رحمهالله تعالى ـ (الْعَلِيُّ) ، عن جميع أحوال الخلق وشبههم ، و (الْعَظِيمُ) القاهر والغالب.
قوله تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦) اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٢٥٧)
وقوله تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).
قيل : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ، أى : لا يكره على الدين. فإن كان التأويل هذا فهو على بعض دون بعض.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط فى ط.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥٨٠٠ ، ٥٨٠١ ، ٥٨٠٤).
(٣) تقدم.
(٤) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٨٢٨ ، ٢٨٢٩ ، ٢٨٣١) ، وعن الضحاك (٥٨٣٠) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٨٣).