والأول أشبه ؛ لأنه يقال من التغير والتنتن : لم يتسنن.
وقوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً).
وهو من الأحياء.
و (نُنْشِزُها) بالزاى ـ وهو من الارتفاع والنصب.
وفيه لغة أخرى : «ننشرها» بالراء ، وهو من الإحياء. و «ننشرها» من النشر.
وقوله تعالى : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(أَعْلَمُ) ، بالنصب [والخفض :
فمن قرأه بالنصب](١) ، صرف قوله : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ) إلى المسلم.
ومن قرأ (أَعْلَمُ) بالخفض صرف إلى الكافر ، يقول الله له : اعلم أن الله على كل شىء قدير. ويحتمل أيضا صرفه إلى المسلم : «واعلم» ، على الإخبار ، كأنه قال : اعلم ما كنت تعلمه غيبا مشاهدة.
وفى هذه الآيات إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وذلك أن هذه القصص كانت ظاهرة بينهم ، ولم يكن له اختلاف إليهم ، ولا النظر فى كتبهم ، ثم أخبر على ما كان ؛ ليعلم أنه إنما علم ذلك بالله عزوجل ثناؤه.
وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
قال بعضهم : كان إبراهيم ، عليهالسلام ، موقنا بأن الله يحيى الموتى ، ولكن أحب أن يعاين ذلك ؛ لأن الخبر لا يكون عند ابن آدم كالعيان ، على ما قيل : «ليس الخبر كالمعاينة».
وقيل : يحتمل سؤاله عما يسأل لما نازعته نفسه وحدثته فى كيفية الإحياء ، وقد تنازع النفس وتحدث بما لا حاجة لها إليه من حيث نفسه ؛ ليقع له فضل علم ومعرفة.
وقيل : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أى : ليسكن قلبى وأعلم أنك قد استجبت لى فيما دعوتك ، وأعطيتنى الذى سألتك.
وقيل (٢) : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) ، أى : أو لم توقن بالخلة التى خاللتك؟ قال : بلى.
__________________
(١) سقط فى ط.
(٢) قاله السدى وسعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير عنهما (٥٩٦٨ ، ٥٩٦٩) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٩٢).