وقيل : إنها منسوخة بالفرائض. لكن هذا لا يحتمل ؛ لأنه نسخ وعد فى الآخرة ، والوعد لا يحتمل النسخ ، إلا أن يعنون نسخ عين الصدقة بغيرها ، فأما الوعد فهو حالة.
والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
قيل (١) : (واسِعٌ) ، غنى.
وقيل : (واسِعٌ) ، جواد ، يوسع على من يشاء.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً).
قال المفسرون : للجهاد ، خصوا الجهاد بهذا. والله أعلم.
لأن العدو إذا خرجوا لقتال المسلمين خرجوا للشيطان ، ويسلكون سبيله وطريقه ، والمؤمنون إنما يخرجون ليسلكوا طريق الله تعالى ، وينصروا دينه وأولياءه ؛ لذلك كان التخصيص له لقولهم ، وإلا كان يجىء أن يسمى الطاعات كلها والخيرات (سبيل الله) ؛ لأنه سبيل الله وطاعته ، كقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) [النساء : ٧٦].
وقوله : (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً). اختلف فيه :
قيل : (منا ،) على الله ، و (أذى ،) للفقير.
وقيل : (منا ،) على الفقير ، و (أذى ،) له.
ثم قيل : منه على الفقير عد ما أنفق عليه وتصدق ، وأذاه وتوبيخه عليه بذلك. وأما منّه على الله تعالى ؛ كقوله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الحجرات : ١٧].
وقوله تعالى : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
قد ذكرنا تأويله فيما تقدم.
وقوله تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ).
قيل : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)(٢) ، كلام حسن ، يدعو الرجل لأخيه بظهر الغيب.
وقيل : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) ، يستغفر الله ذنوبه فى السر و (وَمَغْفِرَةٌ) له ، يغفر له ، ويتجاوز عن مظلمته.
وقيل : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) ، الأمر بالمعروف خير ثوابا عند الله من صدقة فيها أذى ومن.
__________________
(١) قاله البغوى (١ / ٢٤٩).
(٢) ذكره البغوى (١ / ٢٥٠) ، ونسبه للكلبى.