والسفر (١) والحيض ونحو ذلك بعد أن علم أنه ممن تضمنه الآية ، فعليه قضاؤه.
__________________
ـ خلاف عندنا ، خلافا لأهل الظاهر. وخوف الضرر هو المعتبر عند الحنابلة ، أما خوف التلف بسبب الصوم فإنه يجعل الصوم مكروها ، وجزم جماعة بحرمته ، ولا خلاف فى الإجزاء ؛ لصدوره من أهله فى محله ، كما لو أتم المسافر. قالوا : ولو تحمل المريض الضرر ، وصام معه ، فقد فعل مكروها ؛ لما يتضمنه من الإضرار بنفسه ، وتركه تخفيفا من الله وقبول رخصته ، لكن يصح صومه ويجزئه ؛ لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة ، فإذا تحمله أجزأه ؛ لصدوره من أهله فى محله ، كما أتم المسافر ، وكالمريض الذى يباح له ترك الجمعة ، إذا حضرها. قال فى (المبدع) : فلو خاف تلفا بصومه ، كره ، وجزم جماعة بأنه يحرم. ولم يذكروا خلافا فى الإجزاء. ولخص ابن جزى من المالكية أحوال المريض بالنسبة إلى الصوم ، وقال : للمريض أحوال :
الأولى : ألا يقدر على الصوم أو يخاف الهلاك من المرض أو الضعف إن صام ، فالفطر عليه واجب.
الثانية : أن يقدر على الصوم بمشقة ، فالفطر له جائز ، وقال ابن العربى : مستحب.
الثالثة : أن يقدر بمشقة ، ويخاف زيادة المرض ، ففى وجوب فطره قولان.
الرابعة : ألا يشق عليه ، ولا يخاف زيادة المرض ، فلا يفطر عند الجمهور ، خلافا لابن سيرين.
ونص الشافعية على أنه إذا أصبح الصحيح صائما ، ثم مرض ، جاز له الفطر بلا خلاف لأنه أبيح له الفطر للضرورة ، والضرورة موجودة ، فجاز له الفطر.
ينظر : المجموع (٦ / ٢٥٨) ، كشاف القناع (٢ / ٣١٠) ، الإنصاف (٣ / ٢٨٦).
(١) يشترط فى السفر المرخص فى الفطر ما يلى :
أ ـ أن يكون السفر طويلا مما تقصر فيه الصلاة ، قال ابن رشد : وأما المعنى المعقول من إجازة الفطر فى السفر فهو المشقة ، ولما كانت لا توجد فى كل سفر ، وجب أن يجوز الفطر فى السفر الذى فيه المشقة ، ولما كان الصحابة كأنهم مجمعون على الحد فى ذلك ، وجب أن يقاس ذلك على الحد فى تقصير الصلاة.
ب ـ ألا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره مدة أربعة أيام بلياليها عند المالكية والشافعية ، وأكثر من أربعة أيام عند الحنابلة ، وهى نصف شهر أو خمسة عشر يوما عند الحنفية.
ج ـ ألا يكون سفره فى معصية ، بل فى غرض صحيح عند الجمهور ؛ وذلك : لأن الفطر رخصة وتخفيف ، فلا يستحقها عاص بسفره ؛ بأن كان مبنى سفره على المعصية ، كما لو سافر لقطع طريق مثلا. والحنفية يجيزون الفطر للمسافر ، ولو كان عاصيا بسفره ، عملا بإطلاق النصوص المرخصة ، ولأن نفس السفر ليس بمعصية ، وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره ، والرخصة تتعلق بالسفر لا بالمعصية.
د ـ أن يجاوز المدينة وما يتصل بها ، والبناءات والأفنية والأخبية.
وذهب عامة الصحابة والفقهاء ، إلى أن من أدرك هلال رمضان وهو مقيم ، ثم سافر ، جاز له الفطر ؛ لأن الله تعالى جعل مطلق السفر سبب الرخصة ، بقوله : (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، ولما ثبت من «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج فى غزوة الفتح فى رمضان مسافرا ، وأفطر». ولأن السفر إنما كان سبب الرخصة لمكان المشقة. وحكى النووى عن أبى مخلد التابعى أنه لا يسافر ، فإن سافر لزمه الصوم وحرم الفطر. وعن سويد بن غفلة التابعى : أنه يلزمه الصوم بقية الشهر ، ولا يمتنع السفر ، واستدل لهما بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). وحكى الكاسانى عن على وابن عباس ـ رضى الله تعالى عنهم ـ أنه إذا أهل فى المصر ، ثم سافر ، لا يجوز له أن يفطر. واستدل لهم بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ