__________________
ـ بالأولى ، لو نوى نهارا. وقال ابن جزى : من كان فى سفر ، فأصبح على نية الصوم ، لم يجز له الفطر إلا بعذر ، كالتغذى للقاء العدو ، وأجازه مطرف من غير عذر ، وعلى المشهور : إن أفطر ، ففى وجوب الكفارة ثلاثة أقوال : يفرق فى الثالث بين أن يفطر بجماع فتجب ، أو بغيره فلا تجب. لكن الذى فى (شرح خليل) ، وفى (حاشية الدسوقى) : أنه إذا بيت نية الصوم فى السفر وأصبح صائما فيه ثم أفطر ، لزمته الكفارة سواء أفطر متأولا أم لا. فسأل سحنون ابن القاسم ، عن الفرق بين من بيت الصوم فى الحضر ثم أفطر بعد أن سافر بعد الفجر من غير أن ينويه فلا كفارة عليه ، وبين من نوى الصوم فى السفر ثم أفطر فعليه الكفارة؟ فقال : لأن الحاضر من أهل الصوم ، فسافر فصار من أهل الفطر ؛ فسقطت عنه الكفارة ، والمسافر مخير فيهما ، فاختار الصوم وترك الرخصة ، فصار من أهل الصيام ، فعليه ما عليهم من الكفارة. والشافعية فى المذهب ، والحنابلة قالوا : لو أصبح صائما فى السفر ، ثم أراد الفطر ، جاز من غير عذر ؛ لأن العذر قائم ـ وهو السفر ـ أو لدوام العذر ـ كما يقول المحلى. ومما استدلوا به حديث ابن عباس ـ رضى الله تعالى عنهما ـ : «... فصام حتى مر بغدير فى الطريق» ، وحديث جابر ـ رضى الله تعالى عنه ـ : «... فصام حتى بلغ كراع الغميم» قال ابن قدامة : وهذا نص صريح ، لا يعرج على ما خالفه. قال النووى : وفيه احتمال لإمام الحرمين ، وصاحب (المهذب) : أنه لا يجوز ؛ لأنه دخل فى فرض المقيم ، فلا يجوز له الترخص برخصة المسافر ، كما لو دخل فى الصلاة بنية الإتمام ، ثم أراد أن يقصر ، وإذا قلنا بالمذهب ، ففى كراهة الفطر وجهان ، وأصحهما : أنه لا يلزمه ذلك ، للحديث الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فعل ذلك. وزاد الحنابلة : أن له الفطر بما شاء ، من جماع وغيره ، كأكل وشرب ؛ لأن من أبيح له الأكل أبيح له الجماع ، كمن لم ينو ، ولا كفارة عليه بالوطء ؛ لحصول الفطر بالنية قبل الجماع ، فيقع الجماع بعده.
هذا وتسقط رخصة السفر بأمرين اتفاقا :
الأول : إذا عاد المسافر إلى بلده ، ودخل وطنه ، وهو محل إقامته ، ولو كان دخوله بشيء نسيه ، يجب عليه الصوم ، كما لو قدم ليلا ، أو قدم قبل نصف النهار عند الحنفية. أما لو قدم نهارا ، ولم ينو الصوم ليلا ، أو قدم بعد نصف النهار ـ عند الحنفية ، ولم يكن نوى الصوم قبلا ـ فإنه يمسك بقية النهار ، على خلاف وتفصيل فى وجوب إمساكه.
الثانى : إذا نوى المسافر الإقامة مطلقا ، أو مدة الإقامة التى تقدمت فى شروط جواز فطر المسافر فى مكان واحد ، وكان المكان صالحا للإقامة ، لا كالسفينة والمفازة ودار الحرب فإنه يصير مقيما بذلك ، فيتم الصلاة ، ويصوم ولا يفطر فى رمضان ؛ لانقطاع حكم السفر. وصرحوا بأنه يحرم عليه الفطر ـ على الصحيح ـ لزوال العذر ، وفى قول يجوز له الفطر ؛ اعتبارا بأول اليوم. قال ابن جزى : إن السفر لا يبيح قصرا ولا فطرا إلا بالنية والفعل ، بخلاف الإقامة ؛ فإنها توجب الصوم والإتمام بالنية دون الفعل. وإذا لم ينو الإقامة لكنه أقام لقضاء حاجة له ، بلا نية إقامة ، ولا يدرى متى تنقضى ، أو كان يتوقع انقضاءها فى كل وقت ـ فإنه يجوز له أن يفطر ، كما يقصر الصلاة. قال الحنفية : ولو بقى على ذلك سنين. فإن ظن أنها لا تنقضى إلا فوق أربعة أيام عند الجمهور ، أو خمسة عشر يوما عند الحنفية ، فإنه يعتبر مقيما ؛ فلا يفطر ولا يقصر ، إلا إذا كان الفرض قتالا ـ كما قال الغزالى ـ فإنه يترخص على أظهر القولين ، أو دخل المسلمون أرض الحرب أو حاصروا حصنا فيها ، أو كانت المحاصرة للمصر على سطح البحر ، فإن لسطح البحر حكم دار الحرب. ودليل هذا أنه صلىاللهعليهوسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ، ويلاحظ أن الفطر كالقصر الذى نصوا عليه فى صلاة المسافر ، من حيث الترخص ، فإن المسافر له سائر رخص السفر. ـ