وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ)
في هذا خاصّة : يراد به القيامة والبعث.
ويحتمل : لا يخلف الميعاد في كل شيء ، ممّا يصيب الخلق : من الخير والشر ، والفرح والحزن والأسف ، يقولون : إنه كان بوعده ووعيده ، وإنه كان مكتوبا عليهم ولهم ، وإنه لا يكون على خلاف ما كان مكتوبا عليهم ؛ ليصبروا على الشدائد والمصائب ، فلا يجزعوا عليها ، ولا يحزنوا ، وليشكروا على الآلاء والنعماء ولا يفرحوا عليها ، وهو كقوله : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [الحديد : ٢٣].
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ)(١١)
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) وذلك أنهم كانوا يستنصرون بأولادهم وأموالهم في الدنيا ، ويستعينون بهما على غيرهم ؛ فظنوا أنهم يستنصرون بهم في الآخرة ، ويدفعون بهم عن أنفسهم العذاب ؛ وهو كقولهم : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ : ٣٥] ؛ فأخبرهم الله ـ عزوجل ـ أن أموالكم وأولادكم لا تغني عنكم من عذاب الله (١) شيئا.
وقوله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) :
__________________
ـ «الإيمان اعتقاد بالقلب ، وإقرار باللسان».
وكذلك يؤيده ما يقوله صاحب نظم الفرائد وجمع الفوائد : «ذهب مشايخ الحنفية إلى أن الإيمان هو الإقرار والتصديق ، فالإقرار شطر منه».
ونخلص من هذا إلى أن الماتريدية قد اتفقوا على تعريف الإيمان بأنه : «تصديق بالقلب ، وإقرار باللسان».
ينظر : لسان العرب (١ / ٤١) (أمن) ، اللمع لأبي الحسن الأشعري (١٢٣) ، الإنصاف للباقلاني (٢٣) ، أصول الدين للبغدادي (٢٤٩) ، شرح المواقف للإيجي (٨ / ٣٢٢) ، الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة بشرح ملا على القارئ (١٢٤) ، المسايرة للإمام الكمال بن الهمام (٢) ، أصول الدين للبزدوي (١٤٦) ، نظم الفرائد وجمع الفوائد لشيخى زاده (٣٧) ، شرح العقائد النسفية للتفتازانى (١٢٥) ، شرح البيجورى على الجوهرة (٢٩).
(٥) قال جميع أهل القبلة وجميع أهل الكتاب : إن البعث حق خلافا للفلاسفة والدليل على أن البعث حق نصوص كثيرة منها : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) [الحج : ٧] وقال ـ تعالى ـ : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ ...) [يس : ٧٨].
انظر : أصول الدين للبزدوي (١٥٧).
(١) في ب : النار.