أي : حطب النار ؛ فهو ـ والله أعلم ـ أن الإنسان إذا وقع في النار في هذه الدنيا لا يحترق احتراق الحطب ؛ ولكنه يذوب ويسيل منه الصّديد ، فقال الله ـ عزوجل ـ : إنهم يحترقون في النار في الآخرة احتراق الحطب ، لا احتراق الإنسان في الدنيا ؛ لأنها أشدّ بطشا ، وأسرع أخذا ، وأطول احتراقا ؛ وعلى هذا يخرج قوله : (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) : ليس كعذاب الدنيا أنه على الانقضاء والنفاد ؛ ولكن على الدوام فيها والخلود أبد الآبدين ؛ فنعوذ بالله منها.
وقوله : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ).
قيل : كأشباه (١) آل فرعون ، وقيل : كعمل آل فرعون وكصنيعهم (٢) ، وكله واحد ، ثم يحتمل بعد هذا وجهين :
يحتمل : صنيع هؤلاء وعملهم ـ كصنيع آل فرعون ومن كان قبلهم بموسى ، في التكذيب والتعنت.
ويحتمل بصنيع هؤلاء بما يلحقهم من العذاب بالتكذيب والتعنت ؛ فألحق أولئك من العذاب بتكذيب الرسل ، وتعنتهم عليهم.
(وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) :
قد ذكرناه.
قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) (١٣)
وقوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ)
هذا ـ والله أعلم ـ في قوم قد علم الله ـ عزوجل ـ أنهم لا يؤمنون أبدا ؛ لذلك قال [تعالى](٣) لنبيّه صلىاللهعليهوسلم : أن قل لهم : (سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ ..). الآية ، وإلا فلا يلحقه ذلك الوعيد ، والله أعلم ؛ لأن من الكفار من يسلم ومن لا يسلم ، [وإلا فلا يلحق بالوعيد من الكفار من أسلم](٤).
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٢٤) رقم (٦٦٦٤) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٩١) رقم (١٥٣). وقاله أيضا الضحاك وعكرمة ومجاهد. ينظر : المصدران السابقان.
(٢) قاله الربيع بن أنس ولفظه : «كسنتهم». أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٢٣) ، رقم (٦٦٥٩) وقال ابن أبي حاتم (٢ / ٩٢) رقم (١٥٨) : وروي عن الربيع بن أنس أنه قال : كشبيه آل فرعون.
(٣) سقط من ب.
(٤) ما بين المعقوفين سقط من ب.