ذلك قوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) عقوبته](١). وبوائقه ، التي تكون من نفسه لما يكون ذلك به لا بغيره ، والله أعلم.
وقوله : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ) :
يحتمل : ما تخفوا من ولاية الكفار وتبدوه ـ يعلمه الله ، فيه إخبار أن في قلوبهم شيئا.
ويحتمل : أن يكون أراد جميع ما يخفون ويبدون (وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) الآية.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٣٢)
وقوله : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) :
قيل : تجد ثواب ما عملت من خير حاضرا ؛ لأن عمله إنما كان للثواب لا لنفس العمل (٢).
(وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) :
يحتمل : ما عملت من سوء تجده مكتوبا يتجاوز عنه ؛ لأن الله ـ عزوجل ـ وعد المؤمنين (٣) ، وأطمع لهم قبول حسناتهم ، والتجاوز عن سيئاتهم ؛ كقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) [الأحقاف : ١٦] ؛ فيجد المؤمن ثواب ما عمل من خير حاضرا ، ويتجاوز عن مساوئه. وأمّا الكافر : فيجد عقاب ما عمل من سوء في الدنيا ؛ كقوله : (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) [الكهف : ٤٩] فلا يتجاوز عنهم ، ويبطل خيراتهم.
وقوله : (أَمَداً بَعِيداً) :
قيل : بعيدا من حيث لا يرى (٤).
وقيل : بعيدا تودّ : ليت أن لم يكن ، ما من نفس مؤمنة ولا كافرة إلا ودّوا البعد عن
__________________
ـ (٧٣ ـ ٤٦). وينظر : تاج العروس (٢٥ / ١٠٦) ، (بوق).
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي (٤ / ٣٩) ، تفسير الرازي (٨ / ١٤ ـ ١٥).
(٣) في ب : للمؤمنين.
(٤) قال السدي : مكانا بعيدا. أخرجه الطبري (٦ / ٣٢٠) (٦٨٤٢) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٢٠١) (٣٧٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩) ونسبه إليهما.