قوله تعالى : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤) إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)(٤٦) قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٤٧)
وقوله : (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) :
قال أهل التفسير (١) : هو جبريل ـ عليهالسلام ـ لكن ذلك لا يعلم إلا بالخبر ، فإن صحّ الخبر ـ فهو كذلك ، وإلا لم يقل (٢) من كان من الملائكة قال ذلك.
وقوله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ) : أن صفاها لعبادة نفسه ، وخصّها له ، ما لم يكن ذلك لأحد من النساء ؛ فيكون ذاك صفوتها (٣).
وقيل : اصطفاها بولادة عيسى ـ عليهالسلام ـ إذ أخرج منها نبيّا مباركا تقيّا ، على خلاف ولادة البشر (٤).
وقوله : (وَطَهَّرَكِ) :
قيل : من الآثام والفواحش (٥).
وقيل : وطهرك من مسّ الذكور ، وما قذفت به (٦).
__________________
ـ بالذكر. أخرجه ابن أبي حاتم.
(١) ينظر : اللباب لابن عادل (٥ / ٢١٤).
(٢) في ب : نقل.
(٣) قيل : المراد بالاصطفاء الأول أمور :
أحدها : أنه ـ تعالى ـ قبل تحريرها ـ مع كونها أنثى ـ ولم يحصل هذا لغيرها.
وثانيها : قال الحسن : إن أمها لما وضعتها ما غذتها طرفة عين ، بل ألقتها إلى زكريا ، فكان رزقها يأتيها من الجنة.
وثالثها : أنه ـ تعالى ـ فرغها لعبادته ، وكفاها أمر رزقها.
ورابعها : أنه ـ تعالى ـ أسمعها كلام الملائكة شفاها ، ولم يتفق ذلك لأنثى غيرها. ينظر : «اللباب في علوم الكتاب» (٥ / ٢١٥).
(٤) ينظر : «اللباب» (٥ / ٢١٥) ، وقال السيوطي في «الإكليل» : استدل بهذه الآية من قال بنبوة مريم.
ينظر : محاسن التأويل للقاسمي (٤ / ٩٧).
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٣) عن ابن عباس وعزاه إلى إسحاق بن بشر وابن عساكر.
(٦) ينظر : «اللباب في علوم الكتاب» (٥ / ٢١٥) ، وقيل : من الكفر ، قاله مجاهد والحسن كما في تفسير القرطبي (٤ / ٥٣).