قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : العدل في اللغة (١) : وضع الشيء [في](٢) موضعه ، وفي إخلاص العبادة لله والتوحيد ـ ذلك وهذا معنى سواء. وجائز أن تكون كلمة يستوي فيها أنها عدل ما شهد لنا بهذا كل أنواع الحجج.
وقوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) :
يحتمل : تولوا عن طاعة الله وتوحيده ، وصرف العبادة إليه ـ
(فَقُولُوا).
كذا.
ويحتمل : فإن تولوا عن المباهلة والملاعنة (٣) ـ فقولوا (٤)(اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
أي : مخلصون العبادة له ، صادقون الشكر على ما أنعم علينا ، والله أعلم (٥).
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : فإن تولوا عن قبول ما دعوتهم إليه من الاجتماع على الكلمة.
قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(٦٨)
وقوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ).
قيل : وذلك أن اليهود قالوا : إن إبراهيم كان على ديننا اليهودية ، والنصارى ادعت أنه كان على دينهم ومذهبهم ، ليس على دين الإسلام ؛ فنزل قوله : (لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) يعني : في دين إبراهيم (٦).
__________________
(١) ينظر : المحكم لابن سيده (٢ / ٩ ، ١٠) ، وتهذيب اللغة للأزهري (٢ / ٢١٢) (عدل) ، ولسان العرب (٤ / ٣٨٣٨) (عدل).
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : اللباب لابن عادل (٥ / ٢٩٤).
(٤) في أ : فقل.
(٥) وقيل : أي لزمتكم الحجة ؛ فوجب عليكم أن تعترفوا بأنا مسلمون دونكم ، كما يقول الغالب للمغلوب في جدال أو صراع أو غيرهما : اعترف بأني أنا الغالب وسلم لي الغلبة. ويجوز أن يكون من باب التعريض ومعناه : اشهدوا واعترفوا بأنكم كافرون حيث توليتم عن الحق بعد ظهوره. كذا في الكشاف (١ / ٣٧١).
ينظر : محاسن التأويل (٤ / ٢١٨).
(٦) أخرجه الطبري (٦ / ٤٩٠) (٧٢٠٢) عن ابن عباس ، وينظر السيرة النبوية لابن هشام (٢ / ٢٠١ ـ