(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).
بأن ليس في كتابهم حرمة أموالهم ، ولا لهم عليهم سبيل ، وهم يعلمون أنهم يكذبون على الله ، عزوجل (١).
وقوله : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) :
يحتمل قوله : «بلى» ؛ ردّا على قولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) بل عليكم سبيل فيهم ، ثم ابتدأ الكلام فقال : (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ، أي : هؤلاء الّذين يحبّهم الله لا أنتم.
ويحتمل قوله : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) : الذي عليه في التوراة أمر بأداء الأمانة ، وإظهار نعته صلىاللهعليهوسلم وصفته التي فيها ، واتقاء محارمه وظلم الناس في ترك الوفاء ، وفي نقض العهد ، وصدق الله ورسوله ، ولم يكتم نعته وصفته ـ فإن الله يحبّهم ، والله أعلم.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨) ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٨٠)
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ) :
قيل : عهد الله : أمره ونهيه.
يحتمل هذا العهد فيما عهدوا في التوراة ألا يكتموا نعته وصفته ؛ ولكن يظهرون ذلك للناس ويقرون به.
(وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) :
أيمانهم التي حلفوا كذبا أن ليس نعته وصفته فيه ؛ مخافة ذهاب منافعهم.
ويحتمل : أن حلفوا كذبا ، فأخذوا أموال الناس بالباطل والظلم ؛ وعلى ذلك روي عن
__________________
(١) قاله بنحوه ابن جريج أخرجه عنه الطبري (٧٢٧٢) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٣٥٠) (٨١٥) ، وابن المنذر كما في الدر المنثور (٢ / ٧٨).
وقال بنحوه أيضا السّدي : أخرجه عنه الطبري (٧٢٦٨) ، وقاله كذلك قتادة أخرجه عنه الطبري (٧٢٦٦) ، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٢ / ٧٧).