لله خالصا لا يشرك فيها غيره ؛ كقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ) الآية [الزمر : ٢٩].
دلّت الآية أنه ما ذكرنا ، والله أعلم.
والإسلام : هو اسم الخضوع ، وكل منهم قد خضعوا ، ولم يجترئ أحد أن يخرج عليه.
قوله تعالى : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٨٥)
وقوله : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ) الآية.
هذا ـ والله أعلم ـ وذلك أن اليهود والنصارى لما آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض ، كقوله (١) : (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) [النساء : ١٥٠] ـ أمر الله ـ تعالى ـ المؤمنين أن يؤمنوا بالرسل جميعا ؛ فآمنوا بهم جميعا ، وقالوا : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) : والإسلام ما ذكرنا ، والله أعلم.
وقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) :
اختلف فيه : [يحتمل](فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) : حسنات من بغى غير دين الإسلام في الدنيا ؛ وهو كقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) ، أي : بالمؤمن به (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) [المائدة : ٥].
ويحتمل : من أتى بدين سوى دين الإسلام فلن يقبل منه ، (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
وقيل : إنها نزلت في نفر ارتدوا عن الإسلام بعد ما أسلموا ، ثم تاب بعضهم (٢) ؛ فنزل قوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في قوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) : يحتمل : «يبتغى» : يطلب ، (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) ؛ كأنه نهى عن ذلك أن يقصد بالتدين التقرب إلى الله ـ تعالى ـ فأخبر أن ذلك لا يقبله ؛ ليصرف الطلب إلى غير ذلك ، وذلك كما دانوا من عبادة الأوثان وغيرها ؛ لتقربهم إلى الله زلفى ، فأخبر أنه لا يقرب ؛ ليصرف الطلب إلى حقيقة ذلك الدين على الأديان [التي] كانت معروفة ، تأبى أنفس الكفرة عن [قبول](٣) اسم
__________________
(١) في ب : كقوله ـ عزوجل.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره (٣ / ٨٣) وعزاه للسدي ، ومجاهد.
(٣) سقط من ب.