والله أعلم.
وقوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
الآية ترد على المعتزلة قولهم ؛ لأنهم قالوا : إن الهدى : البيان ، والبيان للكل ، قالوا : بتقدم الفعل ، فلو كان متقدما لكان في ذلك إعطاء الهدى للظالم ؛ فأخبر ـ عزوجل ـ أنه لا يهدي الظالم ، وهم يقولون : لا ، بل يهدي الظالم ؛ فذلك خروج عليه ، وأمّا على قولنا : فإن التوفيق والقدرة إنما تكون معه ؛ فكان قولنا موافقا للآية.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في قوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي) من ذكر ـ : فلو لم يكن الهدى غير البيان ، فلقد هداهم إذن ؛ على قول المعتزلة ، والله أعلم.
وقوله : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ) :
[قيل : (لَعْنَةَ اللهِ)](١) عذاب الله.
[وقيل](٢) : لعنة الله : هي الإياس من رحمته وعفوه ، واللعن : هو الطرد في اللّغة ، ولعنة الملائكة : ما قيل في آية أخرى قوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ. قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا) الآية [غافر : ٤٩ ، ٥٠].
وقيل : لعنة الملائكة قولهم لهم : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [الزخرف : ٧٧] إلى آخره (٣).
وقيل : يدعون عليهم باللعن.
وقيل : لعنة المؤمنين قوله : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) [الأعراف : ٥٠] فذلك لعنهم عليهم.
وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : ملحق على قوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) : ذكر (٤) الكفر بعد الإيمان ، ثم ذكر التوبة فقال : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ..). الآية : أطمع لهم المغفرة والرحمة بالتوبة بعد الكفر بقوله : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وما قيل في القصّة ـ أيضا ـ أن نفرا ارتدّوا عن [دين](٥) الإسلام ، ثم تاب بعضهم ،
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) سقط من ب.
(٣) راجع : تفسير الرازي (٨ / ١١٣) ، اللباب (٥ / ٣٧٨).
(٤) في ب : ذلك.
(٥) سقط من ب.