(بِالْحَقِّ) : ببيان الحق (١).
ويحتمل : (بِالْحَقِّ) : بالدّين ، والدين هو الحق ، ويحتمل : أن الآيات هي الحق.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : أي : بالأمر بالدعاء إلى الحق.
ويحتمل : الحق الذي لله على عباده ، ولبعضهم على بعض.
وقوله : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) : والظلم : هو وضع الشيء في غير موضعه ، فإذا كان ما في السموات وما في الأرض كله له ، ومن وصف في الخلق بالظلم إنما وصف ؛ لأنه يضع حق بعض في بعض ، ويمنع حق بعض ؛ فيجعل لغير المحق ، فالله يتعالى عن ذلك.
وقوله : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ)
أي : لا يريد أن يظلمهم ، وإن شئت قلت : قلت الإرادة صفة لكل فاعل في الحقيقة ؛ فكأنه قال : لا يظلمهم ، وكيف يظلم؟! وإنما يظلم بنفع تسرّه إليه النفس ، أو ضرر يدفع به ، فالغني بذاته متعال عن ذلك.
وقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
أي : إليه يرجع أمر كل أحد ، فلا يحتمل الظلم [وجود الظلم منه](٢).
قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (١١٢)
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال : «خير الناس أنفعهم للناس (٣) و (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) : أي : تأمرونهم ، أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما أنزل الله ، وتقاتلون عليه ، ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف (٤) ،
__________________
(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب (٥ / ٤٦١).
(٢) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١١٤) وعزاه إلى ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس ، وينظر تفسير ابن أبي حاتم (٢ / ٤٧٢) (١١٦٣).
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ١٠٥) (٧٦٢٤) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤٧٤) (١١٧٢) عن ابن عباس. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١١٤) وزاد نسبته إلى ابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات.