وقوله : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ).
أي : لن يرد ذلك عليكم ؛ بل يقبل ؛ بل تجزون به في الآخرة.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : أي : كيف يكفره ، وهو الشكور الذي يقبل اليسير ، ويعطي الجزيل؟!.
وهو في حرف حفصة : «فلن تتركوه» : أي : لن تتركوه دون أن تجزوا عليه ؛ وإن قل ذلك ؛ كقوله : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) [النساء : ٤٠] معناه ـ والله أعلم ـ ما ذكر ، (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) [محمد : ٣٥].
وقيل : لن يظلمكم.
وقيل : لن ينقصكم.
وقيل : فلن يضل عنكم ؛ بل يشكر ذلك لهم ، يعني : فلن يضيع ذلك عند الله ، والله أعلم.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) : ظاهر.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(١١٧)
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) :
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : فهو ـ والله أعلم ـ أن بمثله يكون التناصر في الدّنيا ، لكن الذي كان فيها لا ينفع في الآخرة ، بل يكون كما قال الله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ ..). الآية [عبس : ٣٤] ، ثم لا مال له ، ثم ولا لو كان فينفع ؛ وذلك أنهم ظنوا أن كثرة الأموال والأولاد تمنعهم من عذاب الله ؛ كقولهم : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ : ٣٥] ، فأخبر الله ـ عزوجل ـ : أن كثرة الأموال والأولاد لا تغني عنهم من عذاب الله شيئا.
وقوله (١) : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) :
ضرب مثل نفقة الكفار التي أنفقوها بريح فيها صر أصابت حرث قوم ، وذلك ـ والله أعلم ـ أنهم كانوا ينفقون ويعملون جميع الأعمال : من عبادة الأصنام والأوثان ، ويقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] ظنوا أن تلك الأعمال والنفقات
__________________
(١) في ب : وقوله ـ عزوجل.