بلغ ، والقصد في الآية إلى فرض طاعة الرسول ، وأطيعوا الرسول في أمره ونهيه ، كما أطعتم الله في أمره ونهيه.
قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(١٣٣)
وقوله : ـ عزوجل ـ (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
يحتمل أن يكون هذا موصولا بقوله ـ عزوجل ـ : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) [آل عمران : ١٣٠] أي : لا تأخذوا الربا أضعافا مضاعفة فتكثروا أموالكم ، وحقيقته : وسارعوا إلى ما فيه وعد المغفرة من ربكم : بالإجابة له إلى ما دعا ، والقيام به بحق الوفاء.
وقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) في استحلال الربا ؛ لأن من استحل محرما فقد كفر ، وحقيقته : اتقوا ما أوعدكم ربكم عليه النار.
وأصل الطاعة : الائتمار بأمر المطاع في كل أمر ، فمن أطاع الله فيما أمر ، وأطاع رسوله ـ رحمه ربه ، وفي الطاعة رحمة الخلق ؛ على ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لن تدخلوا الجنّة [حتّى] تراحموا ؛ قالوا : كلّنا نرحم يا رسول الله ؛ قال : ليس رحمة الرّجل ولده ؛ ولكنّه رحمة عامّة» (١).
قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ) في تحريم الربا ، وأطيعوا الرسول : في تبليغه إليكم تحريم الربا والنهي عن أخذه.
(لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) : أي : ارحموا الناس وترحموهم في ترك أخذ الربا ، ترحمون أنتم ، وتنجون من النار ومن (٢) عذاب الله.
ثم قال : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
أي : بادروا بالتوبة والرجوع عن استحلال الربا والترك عن أخذه ، والمغفرة هي فعل الله ، لكنه ـ والله أعلم ـ كأنه قال : بادروا إلى الأسباب التي بها تستوجبون المغفرة من ربكم ، والمغفرة : هي الستر في اللغة (٣).
ثم يحتمل وجهين :
يحتمل : ألا يهتك أستاركم في الآخرة إذا تبتم.
__________________
(١) أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (٨ / ١٩٠) ورجاله رجال الصحيح ، قاله الهيثمي. وسيذكره المصنف مرة ثانية عند تفسير الآية (١٥٩) من سورة آل عمران.
(٢) في ب : من.
(٣) ينظر : القاموس المحيط (ص : ٤٠٦) (غفر).