والطيب : ما استطابه الطبع ؛ فإذا بلغ طيبه غايته في الطبع ؛ فهو طيب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنها معصية فلا يقيمون عليها ، ولكن يتوبون ، فمن تاب من ذنبه فجزاؤه ما ذكر (١).
قوله تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٣٩)
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ).
يحتمل أحكاما ، والأحكام تكون على وجهين : حكم يجب لهم ، وهو الثواب عند الطاعة ، واتباع الحق ، وعذاب يحل بهم عند الخلاف والمعصية.
ويحتمل «السنن» : الأحكام المشروعة.
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) حتى تروا آثار من كذب الرسل وما حلّ بهم من العذاب ؛ بالتكذيب.
أو (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) : أي سلوا من يعلم ما الذي حل بهم حتى يخبروكم (٢) ما مضى من الهلاك في الأمم الخالية ، فهذا تنبيه من الله ـ عزوجل ـ إياهم أنكم إن كذبتم الرسول ـ فيحل بكم ما قد حلّ بمن قد كان قبلكم ، وإن أطعتم الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ فلكم من الثواب ما لهم ، فاعتبروا به كيف كان جزاؤهم بالتكذيب.
وما في القرآن مثل هذا فمعناه : لو سألت لأخبروك.
وقيل : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) : أي : تفكروا في القرآن يخبركم عن الأمم الماضية ؛ فكأنكم سرتم في الأرض ، وما في القرآن مثل هذا ـ فمعناه : لو سألت لأخبروك ؛ فإن فيه خبر من كان قبلكم من الأمم ، وما لهم من الثواب بالتصديق والطاعة ، وما عليهم من العقاب بالتكذيب ، والله أعلم.
__________________
(١) قال القرطبي : الذنوب التي يتاب منها إما كفر أو غيره ، فتوبة الكافر : إيمانه مع ندمه على ما سلف من كفره ، وليس مجرد الإيمان نفسه توبة. وغير الكفر : إما حق لله ـ تعالى ـ وإما حق لغيره : فحق الله ـ تعالى ـ يكفي في التوبة منه الترك غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك ، بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء : كالصلاة والصوم ، ومنها ما أضاف إليها كالحنث في الأيمان والظهار وغير ذلك. وأما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها ، فإن لم يوجدوا تصدق عنهم ، ومن لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعسار فعفو الله مأمول ، وفضله مبذول ؛ فكم ضمن من التبعات وبدل من السيئات بالحسنات!
ينظر : تفسير القرطبي (٤ / ١٣٧).
(٢) في ب : يخرجوكم.