قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)(١٥٨)
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى) الآية.
اختلف في قوله ـ تعالى ـ : (كَالَّذِينَ كَفَرُوا) ، قال بعضهم : نهى المؤمنين أن يكونوا كالذين كفروا في السرّ والعلانية (١).
(وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ) يعني : المنافقين ، (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا).
وقيل : لا تكونوا كالمنافقين قالوا لإخوانهم (٢) ـ يعني : لبعضهم ـ : لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا.
وقيل : قالوا لإخوانهم ، يعني : المؤمنين الذين تولوا (٣) ، وهم كانوا إخوانهم في النسب ، وإن لم يكونوا إخوانهم في الدين والمذهب.
لا حاجة لنا إلى معرفة قائله من كان ، ولكن المعنى ألا يقولوا مثل قولهم لمن قتل.
وقوله : (إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) ، يعني : إذا ضربوا في الأرض تجارا أو «غزى» ، أي : غزاة.
وقيل : قوله : (إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) أو كانوا غزاة على إسقاط الألف (٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) :
أي : ليجعل الله ذلك القول الذي قالوا حسرة يتردد في أجوافهم.
ويحتمل قوله : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً) يوم القيامة ؛ كقوله : (أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) [البقرة : ١٦٧].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ)
أي : والله يحيي من ضرب في الأرض وغزا ، ويميت من أقام ولم يخرج غازيا ، أي :
__________________
(١) ينظر : تفسير ابن جرير الطبري (٧ / ٣٣٠) (٨١١٠) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦٢٦) (١٧٢٠) ، الوسيط (١ / ٥١٠).
(٢) ينظر : المصادر السابقة.
(٣) ينظر : المصادر السابقة.
(٤) وغزى : جمع غاز ، وقياسه : غزاة ، ولكنهم حملوا المعتل على الصحيح ، في نحو : ضارب وضرب ، وصائم وصوم. ينظر : اللباب لابن عادل (٦ / ٧).