بدار الحرب يحكم في نفسه وماله بحكم الموتى في قسمة المواريث ، وقضاء الديون وغيرها ، وإن كان هو في الحقيقة حيّا على ما حكم في أموال الشهداء وأنفسهم بحكم الموتى في حكم الدنيا ؛ لما لا يعودون إلى الدنيا ، وإن كانوا عند ربّهم أحياء ؛ فعلى ذلك يحكم في نفس المرتد وأمواله بحكم الموتى ؛ لما لا يعود إلى دارنا ، وإن كان هو في الحقيقة حيّا عند الله لما جاز أن يكون حيّا عند الله ، ميتا عندنا ، وجاز أن يكون ميتا عندنا حيّا عند الله ، والله أعلم.
وحياة الطبيعى : هو حياة جوهر ، وما به يقوم النفس ، وموت الطبيعي هو هلاكه ، وفوته [والله أعلم](١).
وموت العرضي : هو جهله ؛ والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) :
يحتمل (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) أي : بدين من الله ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) [آل عمران : ١٠٣] ، قيل : بدينه (٢) ، ويحتمل : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) : الجنة ، (وَفَضْلٍ): زيادات لهم وكرامات من الله ، عزوجل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) :
أي : لا يضيع من حسناتهم وخيراتهم وإن قل وصغر ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) [الأحقاف : ١٦] [وكقوله ـ عزوجل ـ](٣) : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة : ٧] ، كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ..). [النساء : ٤٠] الآية.
قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١٧٥)
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) :
قيل : أجابوا الله ـ عزوجل ـ والرسول صلىاللهعليهوسلم إلى ما دعاهم إليه (٤) ، وأطاعوا فيما أمرهم
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في ب : ولا قوة إلا بالله.
(٢) ينظر : الوسيط للواحدي (١ / ٤٧٤).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ٤٠١) (٨٢٣٥) عن ابن إسحاق ، وذكره السيوطي (٢ / ١٨٠) ، وعزاه لابن المنذر عن سعيد بن جبير.