اتَّقى) ، واتبع أمر الله ، وانتهى عما نهى عنه ، ويأتى (الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها).
ويحتمل : أن يكون على التمثيل والرمز ، ليس على التحقيق ؛ كقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) [آل عمران : ١٨٧] ، وكقوله : (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) [البقرة : ١٠١] ، فهو ليس على حقيقة الطرح وراء الظهر ، ولكن كانوا لا يسمعون كلام الله ولا يعبئون به. وكذلك كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يسمعونه ولا يكترثون إليه ، فأخبر أنه كالمنبوذ والمطروح وراء الظهر لما لم يعملوا به ؛ فعلى ذلك الأول ، أخبر أنه (لَيْسَ الْبِرَّ) فى ترك اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم والائتمار بأمره ، أى : ليس فعل البر مخالفة محمد صلىاللهعليهوسلم [فيما يأمر](١) ، ولكن البر فى الاتباع له والائتمار بأمره.
وقال القرامطة : إن المراد من الأبواب هو على بن أبى طالب ، رضى الله تعالى عنه ، والبيوت بيوت (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أمروا بإتيان رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عند على ، رضى الله تعالى عنه ، على ما جاء أنه قال : «أنا مدينة العلم (٣) وعلى بابها» (٤). فمن أراد الدخول فى البيت ، لا بد من أن يأتى الباب فيدخل من الباب.
لكن الجواب لقولهم على قدر ما تأولوا ـ أنه ذكر البيوت (٥) ، وذكر الأبواب أيضا والبيوت كثيرة ، والأبواب كذلك أيضا ، فعلىّ وغيره من الصحابة من نحو أبى بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فيه شرع سواء ؛ ألا ترى أنه قال : «أنا مدينة الحكمة» (٦) ، والمدينة لا يعرف لها باب واحد ، بل يكون لها أبواب ؛ فدل أن تأويلهم فى على ، رضى الله تعالى عنه ، خاصة ، لا يصح. وبالله العصمة.
وقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ).
أى : اتقوا الله ولا تعصوه ، ولا تتركوا أمره ، وانتهوا عن مناهيه.
وقوله : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا).
__________________
(١) سقط فى ط.
(٢) فى أ : هو.
(٣) فى ب : الحكمة.
(٤) أخرجه الطبرانى فى الكبير (١١ / ٦٥ ـ ٦٦) (١١٠٦١) ، والعقيلى (٣ / ١٥٠) ، والحاكم (١ / ١٢٦ ـ ١٢٧) ، وصححه من حديث ابن عباس.
قال الذهبى فى تلخيص المستدرك : موضوع.
وقال الهيثمى فى المجمع (٩ / ١١٧) : وفيه عبد السلام بن صالح الهروى وهو ضعيف.
(٥) فى أ : البيت.
(٦) أخرجه ابن عدى (٥ / ١٧٧) فى ترجمة : عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، ثم ساق له جملة من أحاديثه وذيلها بقوله : ولعثمان غير ما ذكرت من أحاديث موضوعات.