وعن ابن عباس ، رضى الله تعالى عنه ، قال : «ما بين الهلال ويوم عرفة» (١) ، وعن على ، رضى الله تعالى عنه ، قال : «فصيام ثلاثة أيام فى الحج» ، اختلف أهل التأويل فيه قبل يوم التروية بيوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة (٢). فإن فات ذلك صام ثلاثة أيام بعد أيام التشريق.
أما تأخيره الصوم [حتى يكون آخره يوم عرفة لما لعله يجد الهدى ، ومثال ذلك ما أمر المتيمم عن تأخير الصلاة](٣) رجاء أن يجد الماء فيغنيه عن التيمم ، فعلى ذلك يؤخر الصوم حتى يكون آخره يوم عرفة رجاء أن يجد الهدى.
وأما ما اختلفوا فيه من صيامهن حلالا بعد العمرة ، فإن من لم يجوز ذلك ذهب إلى أن الله تعالى قال : (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) ، فتأول ذلك على الإحرام. وقد يجوز أن يكون الأمر كما قال ، ويجوز أن يكون معناه : فى أشهر الحج.
ألا ترى أن الله تعالى يقول : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، ، ومعناه ـ والله أعلم ـ : أن الحج يفعل فى هذه الأشهر ، ولفعله أشهر معلومات. فلما احتملت الآية ما ذكرنا وجدنا السنة فى المتمتع أن يحرم بالحج عشية التروية (٤) ، كذلك روى عن جابر بن عبد الله (٥) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : «قدمنا مكة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مهلين بالحج لأربع ليال مضين من ذى الحجة ، فطاف بالبيت سبعا ، وسعى بين الصفا والمروة ، ولم يحل ؛ لأنه كان ساق الهدى وأمر من لم يسق الهدى أن يطوف ويسعى ويقصر ثم يحل.
فلما كان يوم التروية أمرهم أن يلبوا بالحج ، فإذا كنا نأمر المتمتع أن يحرم بالحج عشية التروية ، فكيف يصوم الثلاثة الأيام بعد ذلك ، وإنما بقى له يوم واحد؟ فدل ما وصفناه : أنه يجوز له أن يصومهن حلالا بعد العمرة. والله أعلم.
وقوله : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ).
اختلف فيه :
قيل : إذا رجع من منى.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٣٤٤٤ ، ٣٤٨٩) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٨٧).
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٤٤٣) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٣٨٧).
(٣) سقط فى ط.
(٤) وهو يوم الثامن من ذى الحجة ، وينطلق فيه الحجاج إلى منى ، ويحرم المتمتع بالحج ، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما ، ويبيتون بمنى اتباعا للسنة ، ويصلون فيها خمس صلوات : الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. وهذا فجر يوم عرفة.
(٥) أخرجه أحمد (٣ / ٣٦٦ ، ٣٨١).