عن ابن عباس (١) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : من سنة الحج ألا يحرم بالحج إلا فى أشهر الحج.
وعن جابر (٢) ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : لا يحرم بالحج قبل أشهر الحج.
فأصحابنا ، رحمهمالله تعالى ، يكرهون الإحرام قبل أشهر الحج ، واتبعوا فى كراهيتهم ما روى عن السلف النهى عن ذلك ، لكنهم يقولون : إن أحرم يجوز.
واحتج بعض أصحابنا فى ذلك بأن قال : للحج ميقات ووقت ، وأجمعوا أن من أحرم بالحج قبل الميقات فإحرامه صحيح [، فعل ذلك من أحرم قبل وقته فإحرامه صحيح](٣).
وقال بعضهم : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، الأشهر كلها ، كقوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) [التوبة : ٣٦] ، وهى الأشهر كلها ، وهى معلومة ؛ [وهى](٤) كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) [البقرة : ١٨٩]. فإن كان هذا تأويل الآية ، ففيه دليل جواز الإحرام بالحج فى الأشهر كلها.
وقال آخرون : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، [أى فى أشهر معلومات](٥) وهو ما ذكرنا من قول جماعة من السلف ، قالوا : إنها شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذى الحجة ، غير أنه يتوجه وجهين :
أحدهما : أن لفعل الحج أشهر معلومات ، دليله قوله تعالى : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) ، سماه حجّا بعد سبب الإلزام ، فثبت أن ما بعد الإحرام حج.
والوجه الثانى : أن للحج أشهر معلومات ، لا يدخل فيها غيره ، ثم أدخل فيها العمرة رخصة ، دليله : قوله صلىاللهعليهوسلم : «دخلت العمرة فى الحج [إلى يوم القيامة] هكذا ، [وشبك بين أصابعه]» (٦) ، فيكون معناه : أن للحج أشهر ، أى : لفعله أشهر معلومات. والله أعلم.
__________________
ـ حجا ، وانعقد عمرة على الصحيح عندهم. وبه قال عطاء وطاووس ومجاهد وأبو ثور.
(١) أخرجه الشافعى فى الأم ، وابن أبى حاتم وابن مردويه ومن طريق آخر عنه أخرجه ابن أبى شيبة وابن خزيمة والحاكم وصححه ، والبيهقى كما فى الدر المنثور (١ / ٣٩٤).
(٢) أخرجه ابن مردويه عنه مرفوعا بنحوه كما فى الدر المنثور (١ / ٣٩٤).
(٣) سقط فى ط.
(٤) سقط فى ط.
(٥) سقط فى ط.
(٦) أخرجه مسلم (٢ / ٨٨٦ ـ ٨٩٢) كتاب الحج باب حجة النبى صلىاللهعليهوسلم (١٤٧ / ١٢١٨) من حديث جابر ، وأخرجه الترمذى (٢ / ٢٥٩) أبواب الحج (٩٣٢) من حديث ابن عباس وأخرجه (٤ / ٤٥٤) كتاب المناسك باب التمتع بالعمرة إلى الحج (٢٩٧٧) من حديث سراقة بن جعشم.