كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(٢٠٣)
وقوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ).
قيل (١) : التجارة ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يتحرجون من التجارة فى عشر من ذى الحجة ، فلما أن كان الإسلام امتنع أهل الإسلام عن التجارة ، وأحبوا أن يكون خروجهم للحج خاصة ، دون أن يختلط غيره من الأعمال ، فرخص الله عزوجل للحاج وطلب الفضل.
وروى عن ابن عمر ـ رضى الله تعالى عنه ـ : أن رجلا سأله ، فقال : إنا قوم نكرى ، ويزعمون أنه ليس لنا حج ، [فهل لنا حج]؟ فقال : ألستم تحرمون وتقفون؟ فقال : بلى. قال : فأنتم حجاج. وقال : جاء رجل إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ، فسأله عما سألتنى عنه مثله ، فلم يجبه حتى أنزل الله تعالى هذه الآية : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ، فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «أنتم حجاج» (٢) [وروى عن ابن عباس رضى الله عنه مثله](٣).
وأصحابنا ، رحمهمالله تعالى ، يرون حج الأجير والتاجر تامّا ، وظاهر القرآن يدل على ذلك. وكان عند القوم أن الاستئجار على الطاعة لا يجوز أمرا ظاهرا حتى سألوا فى هذا.
وأصله : أن الحج لا يمنع أفعال غيره ، فأشبه الصوم ، ويجوز فيه الإجارة ، كذا فى هذا.
وأما الصلاة فهى مانعة لما سواها من الأفعال ؛ فاختلفا.
وقوله : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ).
قيل : إن أهل الجاهلية كانوا يفيضون من عرفات قبل غروب الشمس ، ومن مزدلفة بعد طلوع الشمس ، فأمر أهل الإسلام بالخلاف فى الحالين جميعا : أن يجعلوا الإفاضة من عرفة بعد الغروب ، ومن المزدلفة قبل طلوع الشمس. والله أعلم.
__________________
(١) قاله ابن عباس بنحوه ، أخرجه البخارى (٤٥١٩) ، وابن جرير (٣٧٧٢) ، وسفيان وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبى حاتم والبيهقى فى سننه كما فى الدر المنثور (١ / ٤٠٠).
(٢) أخرجه ابن جرير (٣٧٦٨) ، وعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور وابن أبى شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبى حاتم والحاكم وصححه والبيهقى عن أبى أمامة التميمى عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٤٠١).
(٣) سقط فى ط.