دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) خبر ثان ل (أُولئِكَ) أو مستأنفة جوابا لسؤال مقدر ، (وَمَغْفِرَةٌ) معطوف على درجات ، أي : مغفرة لذنوبهم (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) يكرمهم الله به من واسع فضله وفائض جوده.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) قال : فرقت قلوبهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في الآية قال : المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه ، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله ، ولا يتوكلون على الله ، ولا يصلون إذا غابوا ، ولا يؤدّون زكاة أموالهم ، فأخبر الله أنّهم ليسوا بمؤمنين ، ثم وصف المؤمنين فقال : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فأدّوا فرائضه. وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وأبو الشيخ من طريق شهر بن حوشب عن أمّ الدرداء قالت : إنما الوجل في القلب كاحتراق السعفة يا شهر بن حوشب ، أما تجد قشعريرة؟ قلت : بلى ، قالت : فادع عندها فإن الدعاء يستجاب عند ذلك. وأخرج الحكيم الترمذي عن ثابت البناني قال : قال فلان : إني لأعلم متى يستجاب لي؟ قالوا : ومن أين لك؟ قال : إذا اقشعرّ جلدي ، ووجل قلبي ، وفاضت عيناي ، فذلك حين يستجاب لي. وأخرج أيضا عن عائشة قالت : ما الوجل في قلب المؤمن إلا كضرمة السّعفة ، فإذا وجل أحدكم فليدع عند ذلك. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي في الآية قال : هو الرجل يريد أن يظلم ، أو يهمّ بمعصية فيقال له اتق الله فيجل قلبه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (زادَتْهُمْ إِيماناً) قال : تصديقا. وأخرج هؤلاء عن الربيع بن أنس في قوله : (زادَتْهُمْ إِيماناً) قال : خشية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يقول : لا يرجون غيره. وأخرجا عنه في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) قال : برئوا من الكفر. وأخرج أبو الشيخ عنه (حَقًّا) قال : خالصا. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (لَهُمْ دَرَجاتٌ) يعني : فضائل ورحمة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (لَهُمْ دَرَجاتٌ) قال : أعمال رفيعة. وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : (لَهُمْ دَرَجاتٌ) قال : أهل الجنة بعضهم فوق بعض ، فيرى الذي هو فوق فضله على الذي هو أسفل منه. ولا يرى الذي هو أسفل أنه فضل عليه أحد. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله : (وَمَغْفِرَةٌ) قال : بترك الذنوب (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) قال : الأعمال الصالحة. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا سمعتم الله يقول (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) فهي الجنة.
(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨))