آخر الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلم : الطاعة. وأخرج أبو الشيخ عنه في الآية قال : إن رضوا فارض. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في الآية قال : إن أرادوا الصّلح فأرده. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : نسختها هذه الآية (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) (١) إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ). وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن قتادة قال : ثم نسخ ذلك (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (٢). وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) قال : قريظة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله : (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) قال : الأنصار. وأخرج ابن مردويه عن النعمان ابن بشير نحوه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه أيضا وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة قال : مكتوب على العرش لا إله إلا الله ، أنا الله وحدي لا شريك لي ، ومحمد عبدي ورسولي أيدته بعلمي. وذلك قوله (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ). وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والنسائي والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود أن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) الآية. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ ، والبيهقي في شعب الإيمان ، واللفظ له عن ابن عباس قال : قرابة الرحم تقطع ، ومنّة المنعم تكفر ، ولم نر مثل تقارب القلوب ، يقول الله : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) الآية. وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي عنه نحوه ، وليس في هذا عن ابن عباس ما يدل على أنه سبب النزول ، ولكن الشأن في قول ابن مسعود رضي الله عنه : إن هذه الآية نزلت في المتحابين في الله مع أن الواقع قبلها (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) والواقع بعدها (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ومع كون الضمير في قوله (ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) يرجع إلى المؤمنين المذكورين قبله بلا شك ولا شبهة ، وكذلك الضمير في قوله (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) فإن هذا يدلّ على أن التأليف المذكور هو بين المؤمنين الذين أيد الله بهم رسوله صلىاللهعليهوسلم.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (٦٥) الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦))
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ليس هذا تكريرا لما قبله ، فإن الأوّل مقيد بإرادة الخدع (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ) هذه كفاية خاصة ، وفي قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ) كفاية عامة غير مقيّدة ، أي : حسبك الله في كل حال ، والواو في قوله : (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) يحتمل أن تكون للعطف على الاسم الشريف. والمعنى : حسبك الله وحسبك المؤمنون ، أي : كافيك الله ،
__________________
(١). التوبة : ٢٩.
(٢). التوبة : ٥.