سورة يونس
هي مكية إلا ثلاث آيات من قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) إلى آخرهنّ ، وهكذا روى القرطبي في تفسيره عن ابن عباس. وحكي عن مقاتل أنها مكية إلا آيتين ، وهي قوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) فإنها نزلت في المدينة. وحكي عن الكلبي أنها مكية إلا قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) فإنها نزلت بالمدينة. وحكي عن الحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، وجابر : أنها مكية من غير استثناء. وأخرج النّحّاس ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة يونس بمكة. وأخرج أبو الشيخ عن ابن سيرين قال : كانت سورة يونس بعد السابعة. وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله أعطاني الرائيات إلى الطّواسين مكان الإنجيل» (١). وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن الأحنف قال : صليت خلف عمر غداة فقرأ يونس وهود وغيرهما.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٤))
قوله : (الر) قد تقدّم الكلام مستوفى على هذه الحروف الواقعة في أوائل السور في أوّل سورة البقرة ، فلا نعيده ، ففيه ما يغني عن الإعادة. وقد قرأ بالإمالة أبو عمرو ، وحمزة ، وخلف ، وغيرهم. وقرأ جماعة من غير إمالة ؛ وقد قيل : إن معنى : (الر) أنا الله أرى. قال النحاس : ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ، لأن سيبويه قد حكى مثله عن العرب ، وأنشد :
بالخير خيرات وإن شرّا فا (٢)
__________________
(١). الرائيات : هي السور المبدوءة ب «الر» والطواسين : هي السور المبدوءة ب «طسم» أو «طس».
(٢). وعجزه : ولا أريد الشرّ إلا أن تا.