محالة ، وفي جعل النار موعدا إشعار بإن فيها ما لا يحيط به الوصف من أفانين العذاب ، ومثله قول حسان :
أوردتموها حياض الموت ضاحية |
|
فالنّار موعدها والموت لاقيها |
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي : لا تك في شكّ من القرآن ، وفيه تعريض بغيره صلىاللهعليهوسلم لأنه معصوم عن الشك في القرآن ، أو من الموعد (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) فلا مدخل للشك فيه بحال من الأحوال (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) بذلك مع وجوب الإيمان به ، وظهور الدّلائل الموجبة له ، ولكنّهم يعاندون مع علمهم بكونه حقا ، أو قد طبع على قلوبهم فلا يفهمون أنه الحق أصلا.
وقد أخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال : لأصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن أنس في قوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) قال : نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن معبد قال : قام رجل إلى عليّ فقال : أخبرنا عن هذه الآية : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا) إلى قوله : (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال : ويحك ، ذاك من كان يريد الدّنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس عن ابن عباس : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا) أي : ثوابها (وَزِينَتَها) مالها (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) نوفر لهم بالصحة والسرور في الأهل والمال والولد (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) لا ينقصون ، ثم نسخها : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ) (١) الآية. وأخرج أبو الشيخ عن السدّي مثله. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : من عمل صالحا التماس الدّنيا : صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل لا يعمله إلا التماس الدّنيا ، يقول الله : أو فيه الذي التمس في الدّنيا وحبط عمله الذي كان يعمل ، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في أهل الشرك. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله : (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ) قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن السدّي في قوله : (وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) قال : حبط ما عملوا من خير ، وبطل في الآخرة ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال : هم أهل الرياء. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن عليّ بن أبي طالب قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل : ما نزل فيك؟ قال : أما تقرأ سورة هود (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينة من ربه وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر وابن مردويه من وجه آخر عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) أنا ، ويتلوه شاهد منه «عليّ». وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) قال : ذاك محمد صلىاللهعليهوسلم. وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم نحوه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وأبو الشيخ عن محمد بن عليّ بن أبي طالب قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أنك أنت التالي ، قال : وددت أني أنا هو ، ولكنه لسان محمد صلىاللهعليهوسلم. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة عن ابن عباس أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي
__________________
(١). الإسراء : ١٨.