على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من فاعل تتخذوا. وقرأ مجاهد بفتح الذال. وقرأ زيد بن ثابت بكسرها ، والمراد بالذرية هنا جميع من في الأرض لأنهم من ذرية من كان في السفينة ، وقيل : موسى وقومه من بني إسرائيل ، وهذا هو المناسب لقراءة النصب على النداء والنصب على الاختصاص ، والرفع على البدل وعلى الخبر ؛ فإنها كلها راجعة إلى بني إسرائيل المذكورين ، وأما على جعل النصب على أن ذرية هي المفعول الأوّل لقوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) فالأولى تفسير الذرية بجميع من في الأرض من بني آدم (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) أي : نوحا ، وصفه الله بكثرة الشكر ، وجعله كالعلة لما قبله إيذانا بكون الشكر من أعظم أسباب الخير ، ومن أفضل الطاعات ، حثّا لذريته على شكر الله سبحانه.
وقد أخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، قال : أسري بالنبي صلىاللهعليهوسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة. وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال : أسري برسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وأخرج البيهقي عن عروة مثله. وأخرج البيهقي أيضا عن السدّي قال : أسري برسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل مهاجرته بستة عشر شهرا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله : (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) قال : أنبتنا حوله الشجر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) قال : جعله الله هدى يخرجهم من الظلمات إلى النور ، وجعله رحمة لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) قال : شريكا. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) قال : هو على النداء : يا ذرية من حملنا مع نوح. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) ما كان مع نوح إلا أربعة أولاد : حام ، وسام ، ويافث ، وكوش ، فذلك أربعة أولاد انتسلوا هذا الخلق». واعلم أنه قد أطال كثير من المفسرين كابن كثير والسيوطي وغيرهما في هذا الموضع بذكر الأحاديث الواردة في الإسراء على اختلاف ألفاظها ، وليس في ذلك كثير فائدة ، فهي معروفة في موضعها من كتب الحديث ، وهكذا أطالوا بذكر فضائل المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وهو مبحث آخر ، والمقصود في كتب التفسير ما يتعلّق بتفسير ألفاظ الكتاب العزيز ، وذكر أسباب النزول ، وبيان ما يؤخذ منه من المسائل الشرعية ، وما عدا ذلك فهو فضلة لا تدعو إليه حاجة.
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ