أيّ : نغذي ونعلّل. قال ابن قتيبة : لا أدري ما حمله على هذا التفسير المستكره مع أن السلف فسّروه بالوجوه الواضحة. (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي : قالوا تارة إنك كاهن ، وتارة ساحر ، وتارة شاعر ، وتارة مجنون (فَضَلُّوا) عن طريق الصواب في جميع ذلك (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) إلى الهدى ، أو إلى الطعن الذي تقبله العقول ويقع التصديق له لا أصل الطعن ، فقد فعلوا منه ما قدروا عليه ؛ وقيل : لا يستطيعون مخرجا لتناقض كلامهم كقولهم : ساحر مجنون.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) قال : على أن يزيلوا ملكه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والطبراني ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن عبد الرحمن بن قرط «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى كان جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فطارا به حتى بلغ السّموات العلى ، فلما رجع قال : سمعت تسبيحا من (١) السّموات العلى مع تسبيح كثير ، سبحت السّموات العلى من ذي المهابة ، مشفقات لذي العلوّ بما علا ، سبحان العليّ الأعلى سبحانه وتعالى». وأخرج ابن مردويه عن أنس «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال وهو جالس مع أصحابه إذ سمع هدّة فقال : أطّت السماء وحقّ لها أن تئطّ ، والذي نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلا فيه جبهة ملك ساجد يسبح بحمده». وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة ، عن جابر قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه؟ إن نوحا قال لابنه : يا بني آمرك أن تقول سبحان الله ، فإنها صلاة الخلائق ، وتسبيح الخلق ، وبها يرزق الخلق» قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ). وأخرج أحمد وابن مردويه من حديث ابن عمر نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : «ما من عبد سبّح تسبيحة إلا سبّح ما خلق الله من شيء» قال الله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قال ابن كثير : إسناده فيه ضعف. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه : من أجل نملة واحدة أحرقت أمة من الأمم تسبّح». وأخرج النسائي وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمرو قال «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قتل الضفدع وقال : نقيقها تسبيح».
وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قال : الزرع يسبح وأجره لصاحبه ، والثوب يسبح ، ويقول الوسخ : إن كنت مؤمنا فاغسلني إذا. وأخرج أبو الشيخ عنه قال : كل شيء يسبح إلا الكلب والحمار. وأخرج ابن راهويه في مسنده من طريق الزهري قال : أتى أبو بكر بغراب وافر الجناحين ، فجعل ينشر جناحيه ويقول : ما صيد من صيد ولا عضد من شجرة إلا بما ضيّعت من التسبيح. وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال : أتى أبو بكر الصديق فذكره من قوله غير مرفوع. وأخرج أبو نعيم في الحلية ، وابن مردويه من حديث أبي هريرة بنحوه. وأخرج
__________________
(١). في الحلية (٢ / ٧) : في.