سنين موضع سنة. قال أبو علي الفارسي : هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلاثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى المجموع ، وفي مصحف عبد الله «ثلاثمائة سنة». وقال الأخفش : لا تكاد العرب تقول مائة سنين. وقرأ الضحّاك «ثلاثمائة سنون» بالواو. وقرأ الجمهور «تسعا» بكسر التاء. وقرأ أبو عمرو بفتحها ، وهذا إخبار من الله سبحانه بمدّة لبثهم. قال ابن جرير : إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدّة بعد الإعثار عليهم ، فقال بعضهم : إنهم لبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فأخبر الله نبيه صلىاللهعليهوسلم أن هذه المدّة في كونهم نياما ، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر ، فأمر الله أن يردّ علم ذلك إليه ، فقال : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) قال ابن عطية : فقوله على هذا لبثوا الأوّل يريد في يوم الكهف ، ولبثوا الثاني يريد بعد الإعثار عليهم إلى مدة محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو إلى أن ماتوا. وقال بعضهم : إنه لما قال : (وَازْدَادُوا تِسْعاً) لم يدر الناس أهي ساعات أم أيام أم جمع أم شهور أم أعوام ، واختلف بنو إسرائيل بحسب ذلك ، فأمر الله بردّ العلم إليه في التسع ، فهي على هذا مبهمة. والأوّل أولى ، لأن الظاهر من كلام العرب المفهوم بحسب لغتهم أن التسع أعوام ، بدليل أن العدد في هذه الكلام للسنين لا للشهور ولا للأيام ولا للساعات. وعن الزجاج أن المراد ثلاثمائة سنة شمسية وثلاثمائة وتسع سنين قمرية ، وهذا إنما يكون من الزجّاج على جهة التقريب. ثم أكد سبحانه اختصاصه بعلم ما لبثوا بقوله : (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : ما خفي فيهما وغاب من أحوالهما ليس لغيره من ذلك شيء ، ثم زاد في المبالغة والتأكيد فجاء بما يدلّ على التعجب من إدراكه للمبصرات والمسموعات ، فقال : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) فأفاد هذا التعجّب على أن شأنه سبحانه في علمه بالمبصرات والمسموعات خارج عمّا عليه إدراك المدركين ، وأنه يستوي في علمه الغائب والحاضر ، والخفيّ والظاهر ، والصغير والكبير ، واللطيف والكثيف ، وكأن أصله ما أبصره وما أسمعه ، ثم نقل إلى صيغة الأمر للإنشاء ، والباء زائدة عند سيبويه وخالفه الأخفش ، والبحث مقرّر في علم النحو (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) الضمير لأهل السموات والأرض ، وقيل : لأهل الكهف ، وقيل : لمعاصري محمد صلىاللهعليهوسلم من الكفار ، أي : ما لهم من موال يواليهم أو يتولى أمورهم أو ينصرهم ، وفي هذا بيان لغاية قدرته وأن الكل تحت قهره (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) قرأ الجمهور برفع الكاف في يشرك على الخبر عن الله سبحانه. وقرأ ابن عباس والحسن وأبو رجاء وقتادة بالتاء الفوقية وإسكان الكاف على أنه نهى للنبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يجعل الله شريكا في حكمه ، ورويت هذه القراءة عن ابن عامر. وقرأ مجاهد بالتحتية والجزم. قال يعقوب : لا أعرف وجهها ، والمراد بحكم الله : ما يقضيه ، أو علم الغيب. والأوّل أولى. ويدخل علم الغيب في ذلك دخولا أوّليا ، فإن علمه سبحانه من جملة قضائه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) قال : أطلعنا. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) قال : الأمراء ، أو قال : السلاطين. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ) قال : اليهود (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ) قال : النصارى. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) قال :