كوحي صحائف من عهد كسرى |
|
فأهداها لأعجم طمطميّ (١) |
و (أَنْ) في قوله : (أَنْ سَبِّحُوا) مصدرية أو مفسرة ، والمعنى : فأوحى إليهم بأن صلّوا ، أو أي صلّوا ، وانتصاب بكرة وعشيا على الظرفية. قال الفراء : العشي يؤنث ، ويجوز تذكيره إذا أبهم. قال : وقد يقال العشيّ جمع عشية ، قيل : والمراد صلاة الفجر والعصر ، وقيل : المراد بالتسبيح هو قولهم سبحان الله في الوقتين ، أي : نزّهوا ربكم طرفي النهار.
وقد أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس في قوله : (كهيعص) كبير هاد أمين عزيز صادق ، وفي لفظ كاف بدل كبير. وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس ، وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس (كهيعص) قال : كاف من كريم ، وهاء من هاد ، وياء من حكيم ، وعين من عليم ، وصاد من صادق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة (كهيعص) هو الهجاء المقطّع ؛ الكاف من الملك ، والهاء من الله ، والياء والعين من العزيز ، والصاد من المصوّر. وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن (كهيعص) فحدّث عن أبي صالح عن أمّ هانئ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كاف هاد عالم صادق». وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي وابن ماجة وابن جرير عن فاطمة ابنة عليّ قالت : كان عليّ يقول يا كهيعص اغفر لي. وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في (كهيعص) قال : الكاف الكافي ، والهاء الهادي ، والعين العالم ، والصاد الصادق. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن السدّي قال : كان ابن عباس يقول في كهيعص وحم ويس وأشباه هذا : هو اسم الله الأعظم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله.
وكما وقع الخلاف في هذا وأمثاله بين الصحابة وقع بين من بعدهم ولم يصح مرفوعا في ذلك شيء ، ومن روي عنه من الصحابة في ذلك شيء فقد روي عن غيره ما يخالفه ، وقد يروى عن الصحابي نفسه التفاسير المتخالفة المتناقضة في هذه الفواتح ، فلا يقوم شيء من ذلك حجة ، بل الحق الوقف ، وردّ العلم في مثلها إلى الله سبحانه ، وقد قدّمنا تحقيق هذا في فاتحة سورة البقرة. وأخرج أحمد وأبو يعلى ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كان زكريا نجارا». وأخرج الحاكم وصحّحه ، عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن آزر بن مسلم ، من ذرية يعقوب دعا ربّه سرّا (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) إلى قوله : (خِفْتُ الْمَوالِيَ) قال : وهم العصبة (يَرِثُنِي) نبوتي ونبوّة آل يعقوب ، فنادته الملائكة ، وهو جبريل : أن الله يبشرك (بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال :
__________________
(١). «الطمطمي» : الأعجم الذي لا يفصح.