سورة الأنبياء
وهي مكية ، قال القرطبي : في قول الجميع. وهي مائة واثنتا عشرة آية.
وأخرج البخاري وغيره عن ابن مسعود قال : بنو إسرائيل والكهف ومريم والأنبياء هنّ من العتاق الأول ، وهنّ من تلادي (١). وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عامر بن ربيعة : أنه نزل به رجل من العرب ، فأكرم عامر مثواه ، وكلّم فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم واديا ما في العرب واد أفضل منه ، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطعتك ، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا. (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣) قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩))
يقال : قرب الشيء واقترب ، وقد اقترب الحساب : أي قرب الوقت الذي يحاسبون فيه. قال الزجاج : المعنى (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ) وقت (حِسابُهُمْ) أي : القيامة ، كما في قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) (٢). واللام في للناس متعلقة بالفعل ، وتقديمها هي ومجرورها على الفاعل لإدخال الروعة ، ومعنى اقتراب وقت الحساب : دنوّه منهم ؛ لأنه في كل ساعة أقرب إليهم من الساعة التي قبلها. وقيل : لأنّ كلّ ما هو آت قريب ، وموت كلّ إنسان قيام ساعته ، والقيامة أيضا قريبة بالإضافة إلى ما مضى من الزمان ، فما بقي من الدنيا أقلّ مما مضى ، والمراد بالناس : العموم. وقيل : المشركون مطلقا ، وقيل : كفّار مكة ، وعلى هذا الوجه قيل : المراد بالحساب : عذابهم يوم بدر ، وجملة (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) في محل نصب على الحال ، أي : هم في
__________________
(١). قال القرطبي : يريد من قديم ما كسب وحفظ من القرآن ، كالمال التّلاد.
(٢). القمر : ١.