سورة النّمل
هي ثلاث وتسعون آية ، وقيل أربع وتسعون قال القرطبي : وهي مكية كلها في قول الجميع. وأخرج ابن الضّرّيس والنحّاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : أنزلت سورة النمل بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤))
قوله : (طس) قد مرّ الكلام مفصلا في فواتح السور ، وهذه الحروف إن كانت اسما للسورة ، فمحلها الرفع على الابتداء ، وما بعده خبره ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هذا اسم هذه السورة ، وإن لم تكن هذه الحروف اسما للسورة ، بل مسرودة على نمط التعديد ، فلا محل لها ، والإشارة بقوله : (تِلْكَ) إلى نفس السورة ، لأنها قد ذكرت إجمالا بذكر اسمها ، واسم الإشارة : مبتدأ ، وخبره : (آياتُ الْقُرْآنِ) والجملة : خبر المبتدأ الأوّل ، على تقدير أنه مرتفع بالابتداء (وَكِتابٍ مُبِينٍ) قرأ الجمهور بجر كتاب عطفا على القرآن ، أي : تلك آيات القرآن ، وآيات كتاب مبين ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله : (وَكِتابٍ) القرآن نفسه ، فيكون من عطف بعض الصفات على بعض ، مع اتحاد المدلول ، وأن يكون المراد بالكتاب : اللوح المحفوظ ، أو نفس السورة ، وقرأ ابن أبي عبلة «وكتاب مبين» برفعهما عطفا على آيات. وقيل : هو على هذه القراءة على تقدير مضاف محذوف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، أي : وآيات كتاب مبين ، فقد وصف الآيات بالوصفين : القرآنية الدالة على كونه مقروءا ، مع الإشارة إلى كونه قرآنا عربيا معجزا ، والكتابية الدالة على كونه مكتوبا ، مع الإشارة إلى كونه متصفا بصفة الكتب المنزلة ، فلا يكون على هذا من باب عطف صفة على صفة ، مع اتحاد المدلول ، ثم ضم إلى الوصفين وصفا ثالثا ، وهي : الإبانة