فوقف عليه ودعا له ، ثم قرأ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) الآية ، ثم قال : أشهد أنّ هؤلاء شهداء عند الله فأتوهم وزوروهم ، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردّوا عليه» وقد تعقب الحاكم في تصحيحه الذهبي كما ذكر السيوطي ولكنه قد أخرج الحاكم حديثا آخر وصححه. وأخرجه أيضا البيهقي في الدلائل عن أبي ذرّ قال : لمّا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد مرّ على مصعب بن عمير مقتولا على طريقه ، فقرأ : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) الآية. وأخرج ابن مردويه من حديث خباب مثله ، وهما يشهدان لحديث أبي هريرة. وأخرج الترمذي وحسنه ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن طلحة : «أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا لأعرابيّ جاهل : سله عمّن قضى نحبه ، من هو؟ وكانوا لا يجترءون على مسألته ، يوقّرونه ويهابونه ، فسأله الأعرابيّ فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم إنّي اطلعت من باب المسجد فقال : «أين السائل عمّن قضى نحبه»؟ قال الأعرابي : أنا ، قال : «هذا ممّن قضى نحبه». وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني وابن مردويه من حديثه نحوه. وأخرج الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «طلحة ممّن قضى نحبه». وأخرج سعيد بن منصور ، وأبو يعلى ، وأبو نعيم ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من سرّه أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة». وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله. وأخرج ابن مندة وابن عساكر من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه. وأخرج أبو الشيخ ، وابن عساكر عن عليّ أن هذه الآية نزلت في طلحة. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) قال : الموت على ما عاهدوا الله عليه ، ومنهم من ينتظر الموت على ذلك. وأخرج أحمد ، والبخاري ، وابن مردويه عن سليمان بن صرد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الأحزاب «الآن نغزوهم ولا يغزونا» وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) قال : مات على ما هو عليه من التصديق والإيمان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) ذلك (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) لم يغيروا كما غير المنافقون.
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧))
قوله : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي : عاضدوهم وعاونوهم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم بنو قريظة ، فإنهم عاونوا الأحزاب ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصاروا يدا واحدة مع الأحزاب. والصياصي جمع صيصية : وهي الحصون ، وكلّ شيء يتحصن به : يقال له صيصية ، ومنه صيصية الديك : وهي الشوكة التي في رجله ، وصياصي البقر : قرونها لأنها تمتنع بها ، ويقال لشوكة