سورة ص
آياتها ست وثمانون ، وقيل خمس وثمانون ، وقيل ثمان وثمانون آية ، وهي مكية : قال القرطبي : في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس ، والنحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة «ص» بمكة. وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل ، فقال : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ، ويفعل ويفعل ... ويقول ويقول ... فلو بعثت إليه فنهيته ، فبعث إليه ، فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل ، فخشي أبو جهل أن يجلس إلى أبي طالب ويكون أرقى عليه ـ فوثب فجلس في ذلك المجلس ، فلم يجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم مجلسا قرب عمه ، فجلس عند الباب ، فقال أبو طالب : أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك؟ يزعمون أنك تشتم آلهتهم. وتقول وتقول ... قال : وأكثروا عليه من القول ، وتلكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب ، وتؤدّي إليهم بها العجم الجزية ، ففزعوا لكلمته ولقوله : فقال القوم : كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا ، قالوا فما هي؟ قال : لا إله إلا الله ، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، وهم يقولون : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) فنزل فيهم : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) إلى قوله : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١))
قوله : (ص) قرأ الجمهور بسكون الدال كسائر حروف التهجي في أوائل السور ؛ فإنها ساكنة الأواخر على الوقف. وقرأ أبيّ بن كعب ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، ونصر بن عاصم ، وابن أبي عبلة ، وأبو السمال بكسر الدال من غير تنوين ، ووجه الكسر أنه لالتقاء الساكنين ، وقيل : وجه الكسر أنه من صادى يصادي إذا عارض ـ والمعنى صاد القرآن بعملك : أي عارضه بعملك وقابله فاعمل به ، وهذا حكاه النحاس عن